للقطع، وأما الثانية فظاهره الجواب بمنع الثانية وهو امتناع خلو وقائع كثيرة عن الحكم عقلًا سلمناه لكن نمنع الملازمة لأن الحكم فيما لا دليل فيه نفى الحكم ونفى الدليل دليل على نفى الحكم لما ورد الشرع بأن ما لا دليل فيه لا حكم فيه فكان عدم الدليل لعدم الحكم مدركًا شرعيًا ولم يلزم إثبات حاكم غير الشرع.
قوله:(فلم يجب مثله) بكسر اللام على لفظ الاستفهام ولم يقل ولا نسلمه فى الشرعيات كما فى المتن تنبيهًا على أن هذا المنع مجرد مطالبة بالدليل من غير أن يسند إلى سند يعتدّ به لما لا يخفى من سند الشارحين وهو منع كون العلة فى العقليات هى الظن المذكور لجواز أن يكون أمرًا لازمًا له فى العقليات خاصة أو منع كونه علة فى الشرعيات لجواز أن تكون خصوصيتها مانعة ثم أشار إلى دفع ما يتوهم دليلًا وهو قياس الشرعيات على العقليات.
قوله:(سلمناه) أى عدم الفرق المؤثر وصحة القياس على الفتوى لكن دعواكم ثبوت ذلك بدليل عقلى والقياس لا أفاد الظن دون العلم لم يكن دليلًا ولما كان أصله حكمًا شرعيًا لم يكن عقليًا بل شرعيًا بخلاف ما مر لأبى الحسين من قياس الشرعيات على العقليات فإنه لو ثبت كان عقليًا ولذلك اقتصر فى رده على أنه لا يفيد إلا الظن.
قوله:(بالاستقراء التام) أما فى القرآن فواضح وأما فى الحديث فلأن المتواتر أيضًا أحاديث قليلة مضبوطة عند أئمة الحديث ومعنى عدم وفائهما بالأحكام أن من الأحكام ما لم يمكن إسنادها إليهما إلا بطريق القياس على ما فيهما من الأحكام ثم لا يخفى أن الأنسب تقديم منع الملازمة إلا أنه قدم منع انتفاء اللازم ترقيًا من الأدنى الأضعف إلى الأعلى الأقوى لظهور أن منع الملازمة ههنا أقوى من منع انتفاء اللازم وحاصل الكلام أن عدم الدليل مدرك شرعى لعدم الحكم للإجماع على أن ما لا دليل فيه فهو منفى فضمير هو لعدم الدليل لا لعدم الحكم على ما ذهب إليه بعض الشارحين إذ المدارك إنما تقال للأدلة دون الأحكام ولهذا ذهب العلامة إلى أنه لا يصح جعل الضمير لنفى الحكم إلا إذا روى مدرك بضم الميم بمعنى أنه معلوم شرعى وهو بعيد وإنما قال: بعد الشرع لظهور أنه قبل ورود الشرع ليس من المدارك الشرعية.