للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: الأكثر على أن الخبر المخالف للقياس من كل وجه مقدّم وقيل بالعكس، أبو الحسين إن كانت العلة بقطعى فالقياس وإن كان الأصل مقطوعًا به فالاجتهاد، والمختار إن كانت العلة بنص راجح على الخبر ووجودها فى الفرع قطعى فالقياس وإن كان وجودها ظنيًا فالوقف وإلا فالخبر. لنا أن عمر رضى اللَّه عنه ترك القياس فى الجنين للخبر، وقال لولا هذا لقضينا فيه برأينا وفى دية الأصابع باعتبار منافعها بقوله فى كل إصبع عشر وفى ميراث الزوجة من الدية، وغير ذلك وشاع وذاع ولم ينكره أحد وأما مخالفة ابن عباس خبر أبى هريرة "توضئوا مما مسته النار"، فاستبعاد لظهوره، وكذلك هو وعائشة فى: "إذا استيقظ. ."، ولذلك قال: (فكيف أصنع بالمهراس)، وأيضًا أخر معاذ العمل بالقياس وأقره -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، وأيضًا لو قدم لقدم الأضعف، والثانية إجماع لأن الخبر مجتهد فيه فى العدالة والدلالة والقياس فى ستة: حكم الأصل وتعليله، ووصف التعليل، ووجوده فى الفرع، ونفى المعارض فيهما، وفى الأمر أيضًا إن كان الأصل خبرًا. قالوا: الخبر محتمل الكذب والكفر والفسق والخطأ والتجوز والنسخ، وأجيب بأنه بعيد وأيضًا فتطرق إذا كان الأصل خبرًا، وأما تقديم ما تقدَّم فلأنه يرجع إلى تعارض خبرين عمل بالراجح منهما والوقف لتعارض الترجيحين، فإن كان أحدهما أعم خص بالآخر، وسيأتى).

أقول: خبر الواحد إذا خالف القياس فإن تعارضا من وجه دون وجه فالجمع ما أمكن كما سيأتى، وإن خالفه من كل وجه بأن يبطل كل واحد منهما ما يثبته الآخر بالكلية فالأكثر على أن الخبر مقدم، وقيل بالعكس أى القياس مقدم، وقال أبو الحسين البصرى: إن كانت العلة ثابتة بدليل قطعى فالقياس مقدم، وإن كان حكم الأصل مقطوعًا به خاصة دون العلة فالاجتهاد فيه واجب حتى يظهر دليل أحدهما فيتبع، وإلا فالخبر مقدم، والمختار أنه إن كانت العلة تثبت بنص راجح على الخبر فى الدلالة فإن كان وجود العلة فى الفرع قطعيًا فالقياس مقدم وإن كان وجودها فيه ظنيًا فالتوقف وإلا أى وإن ثبتت العلة لا بنص راجح فالخبر مقدم لنا فى تقديم الخبر حيث تقدم أن عمر رضى اللَّه عنه ترك القياس بالخبر فى مسألة الجنين أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوجب فيه الغرة، وقال: "لولا هذا لقضينا فيه برأينا" أى بالقياس، ولولا لانتفاء الشئ لثبوت غيره فدل على أنه انتفى العمل بالقياس لثبوت الخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>