عن التهديد والتخيير والإكرام والإهانة ونحوها، وبالثالثة عن الصيغة التى تصدر عن المبلغ والحاكى فإنه لا يريد الامتثال واعترض عليه بأن فيه تهافتًا لأن المراد بالأمر إن كان هو اللفظ فسد لقوله وإراة دلالتها على الأمر واللفظ غير مدلول عليه وإن كان المعنى فسد لقوله الأمر صيغة افعل والمعنى ليس صيغة وقد يجاب بأن المراد فى أحدهما اللفظ وفى الآخر المعنى لأنه يقال عليهما، وأما باعتبار نفس الإرادة فقال قوم الأمر إرادة الفعل واعترض بأنه لو أنكر سلطان ضرب سيد لعبده متوعدًا له بالإهلاك إن ظهر أنه لا يخالف أمره والسيد يدعى مخالفة العبد له فى أوامره ليدفع عن نفسه الهلاك فإنه يأمر عبده بحضرة السلطان ليعصيه ويشاهد السلطان عصيانه له فيزول إنكاره يخلص من الهلاك، فههنا قد أمره وإلا لم يظهر عذره وهو مخالفة الأمر ولا يريد منه الفعل لأنه لا يريد ما يفضى إلى هلاك نفسه وإلا كان مريدًا لهلاك نفسه، وأنه محال، وقد أجيب بأن مثله يجئ فى الطلب لأن العاقل لا يطلب ما يستلزم هلاكه وإلا كان طالبًا لهلاكه وهو لازم وقد يدفع بالمنع إذا علم أن طلبه لا يفضى إلى وقوعه وذكر المصنِّفُ أن الأولى فى إبطال كون الأمر هو الإرادة أنه لو كان الإرادة هو الإرادة لوقعت المأمورات كلها لأن الإرادة تخصص الفعل بحال حدوثه، وإذا لم يوجد لم يحدث فلا يتصور تخصيصه بحال حدوثه.
قوله:(هو قول القائل) يعنون القول لذى هو اللفظ لأنهم لا يقولون بالنفسى بخلاف ما ذكره القاضى فإنه يحتمل اللفظى والنفسى ولم يذكر فى الشرح لفظة ونحو إشارة إلى أنه لا حاجة إليه فى التحقيق لظهور أنه ليس المراد لفظة افعل بعينه بل هو كناية عن كل ما يدل على طلب الفعل من صيغ الأمر من أى لغة يكون وعلى أى وزن يكون.