قال:(والقائلون بالنفسى اختلفوا فى كون الأمر له صيغة تخصه والخلاف عند المحققين فى صيغة افعل والجمهور حقيقة فى الوجوب، أبو هاشم فى الندب، وقيل: للطلب المشترك، وقيل: مشترك، الأشعرى والقاضى بالوقف فيهما، وقيل: مشترك فيهما وفى الإباحة، وقيل: للإذن المشترك فى الثلاثة، الشيعة مشترك فى الثلاثة والتهديد لنا ثبوت الاستدلال بمطلقها على الوجوب شائعًا متكررًا من غير نكير كالعمل بالأخبار واعترض بأنه ظن، وأجيب بالمنع ولو سلم فيكفى الظهور فى مدلول اللفظ وإلا تعذر العمل بأكثر الظواهر وأيضًا:{مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}[الأعراف: ١٢]، والمراد قبول:{اسْجُدُوا}[الأعراف: ١١]، وأيضًا إذا قيل لهم اركعوا ذم على مخالفة أمره وأيضًا تارك المأمور به عاصٍ بدليل {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}[طه: ٩٣]، وأيضًا {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: ٦٣]، والتهديد دليل الوجوب، واعترض بأن المخالفة حملت على مخالفة من إيجاب وندب، وهو بعيد، قولهم: مطلق. قلنا: بل عام، وأيضًا فنقطع بأن السيد إذا قال لعبده: خط هذا الثوب، ولو بكتابة أو إشارة فلم يفعل عدّ عاصيًا، واستدل بأن الاشتراك خلاف الأصل، فثبت ظهوره فى أحد الأربعة، والتهديد والإباحة بعيد والقطع بالفرق بين: ندبتك إلى أن تسقينى، وبين: اسقنى، ولا فرق إلا اللوم وهو ضعيف، لأنهم إن سلموا الفرق فلأن ندبتك نص، واسقنى محتمل).
أقول: القائلون بالكلام النفسى اختلفوا فى أن الأمر هل له صيغة تخصه؟ قال إمام الحرمين وغيره من المحققين، هذه الترجمة خطأ فإنه لا يختلف فى أن التعبير عنه ممكن مطلقًا ومقيدًا فى وجوب أو ندب، مثل أوجبت وندبت وحتمت وسننت.
قالوا: والخلاف إنما هو فى صيغة افعل وما فى معناها فقال الجمهور أنها حقيقة فى الوجوب فقط، وقال أبو هاشم فى الندب فقط، وقيل للطلب وهو القدر المشترك بين الوجوب والندب، وقيل مشترك بين الوجوب والندب اشتراكًا لفظيًا، وقال الأشعرى والقاضى بالوقف فيهما أى لا يدرى أهو للوجوب أو الندب وقيل مشترك بين ثلاثة معان: الوجوب والندب والإباحة، وقيل للقدر المشترك بين الثلاثة، وهو الإذن، وقالت الشيعة هو مشترك بين أربعة أمور الوجوب، والندب والإباحة والتهديد، لنا على أنه للوجوب ثبت أن الأئمة الماضين كانوا يستدلون