للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصيغة الأمر مطلقة مجردة عن القرائن على الوجوب، وقد شاع ذلك وتكرر ولم ينكر عليهم أحد كالعمل بالأخبار سواء، فالكلام عليه ما تقدَّم فى الأخبار تقريرًا واعتراضًا وجوابًا، واعترض عليه بأنه ظن فى الأصول فلا يجزئ، وأجيب بمنع كونه ظنًا، ولو سلم فيكفى الظهور، ونقل الآحاد فى مدلولات الألفاظ وإلا تعذر العمل بأكثر الظواهر إذ المقدور فيها إنما هو تحصيل الظن بها وأما القطع فلا سبيل إليه البتة، ولنا أيضًا قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢]، والمراد به اسجدوا فى قوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [البقرة: ٣٤]، هذا السؤال فى معرض الإنكار والاعتراض ولولا أن صيغة اسجدوا للوجوب لما كان متوجهًا وكان له أن يقول إنك ما ألزمتنى فعلام اللوم والإنكار، ولنا أيضًا قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: ٤٨]، ذمهم على مخالفتهم الأمر، وهو معنى الوجوب، ولنا أيضًا أن تارك المأمور به عاص، وكل عاص متوعد وهو دليل الوجوب، أما الأول فلقوله: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: ٩٣]، أى تركت مقتضاه إجماعًا، وأما الثانى فلقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: ٢٣]. والثالث بين ولنا أيضًا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]، هدد مخالف الأمر، والتهديد دليل الوجوب، واعترض عليه بوجهين:

أحدهما: أن هذا مبنى على أن مخالفة الأمر ترك المأمور به وليس كذلك بل هو حمله على ما يخالفه بأن يكون للوجوب أو الندب فيحمل على غيره.

والجواب: أن هذا بعيد والظاهر المتبادر إلى الفهم إذا قيل خالف أمره أنه ترك المأمور به فلا يصرف عنه إلا لدليل.

وثانيهما: أن قوله: {عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣]، مطلق فلا يعم.

والجواب: لا نسلم أنه مطلق بل عام والمصدر إذا أضيف كان عامًا، مثل: ضرب زيد وأكل عمرو، ولنا أيضًا أنا نقطع أن السيد إذا قال لعبده خط هذا الثوب ولو بكتابة أو إشارة فضلًا عن التصريح من القول فلم يفعل عدّ عاصيًا ولا معنى للوجوب إلا ذلك وقد استدل بأن الاشتراك خلاف الأصل فيكون حقيقة لأحد الأربعة فقط مجازًا فى الباقى، ثم إنه ليس حقيقة فى الإباحة، ولا فى التهديد لأنه بعيد إذ يقتضى الأمر ترجيح الفعل قطعًا، وليس للندب أيضًا لأنا نجد الفرق

<<  <  ج: ص:  >  >>