للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: القائلون بالتكرار قائلون بالفور، ومن قال المرة تبرئ قال بعضهم: للفور، وقال القاضى: إما الفور، وإما العزم، وقال الإمام بالوقف لغة فإن بادر امتثل وقيل بالوقف وإن بادر، وعن الشافعى رضى اللَّه عنه ما اختير فى التكرار وهو الصحيح، لنا ما تقدَّم الفور لو قال اسقنى وأخر عدّ عاصيًا قلنا للقرينة قالوا كل مخبر أو منشئ فقصده الحاضر مثل زيد قائم وأنت طالق، رد بأنه قياس وبالفرق بأن فى هذا استقبالًا قطعًا قالوا طلب كالنهى والأمر نهى عن ضده وقد تقدما قالوا: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢]، فذم على ترك البدار، قلنا لقوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} [ص: ٧٢]، قالوا: لو كان التأخير مشروعًا لوجب أن يكون إلى وقت معين ورد بأنه يلزم لو صرح بالجواز بأنه إنما يلزم أن لو كان التأخير مشروعًا وأما فى الجواز فلا لأنه متمكن من الامتثال. قالوا: قال اللَّه تعالى: {وَسَارِعُوا} [آل عمران: ١٣٣]، {فَاسْتَبِقُوا} [المائدة: ٤٨]. قلنا: محمول على الأفضلية وإلا لم يكن مسارعًا، القاضى ما تقدَّم فى الموسع الإمام الطلب متحقق والتأخير مشكوك فوجب البدار وأجيب بأنه غير مشكوك).

أقول: كل من قال بأن الأمر للتكرار قال بأنه للفور، وأما القائلون بأن البراءة تحصل بالمرة سواء كان لها بخصوصها أم لا فقال بعضهم: إنه للفور فلو أخر عصى، وقال القاضى يقتضى بالفور إما الفعل فى الحال أو العزم على الفعل فى ثانى الحانى، وقال إمام الحرمين بالوقف فى مدلوله لغة أهو الفور أم لا لكنه لو بادر إلى الفعل بالفور حصل الامتثال فإنه ممتثل سواء كان للفور أو للقدر المشترك، وأما وجوب التراخى فغير محتمل وقيل بالوقف فيه لغة، وفى الامتثال به إن بادر لاحتمال وجوب التراخى، وروى عن الشافعى رحمه اللَّه مثل ما اخترناه فى كونه للتكرار وهو أنه لا يدل على الفور ولا على التراخى بل على مطلق الفعل وأيهما حصل كان مجزئًا، وهذا هو الصحيح لنا ما تقدَّم فى التكرار من أن المدلول طلب حقيقة الفعل، والفور والتراخى خارجى، وأن الفور والتراخى من صفات الفعل فلا دلالة عليهما.

القائلون بالفور قالوا: أولًا: لو قال لعبده اسقنى وأخر من غير عذر عدّ عاصيًا، هذا معلوم من العرف ولولا أنه للفور لما عدّ عاصيًا.

الجواب: أن ذلك إنما فهم بالقرينة وهو أنه معلوم عادة أن طلب السقى يكون عند الحاجة إليه عاجلًا والكلام فيما كانت الصيغة مجردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>