قال:(مسألة: النهى عن الشئ لوصفه كذلك خلافًا للأكثر، وقال الشافعى يضاد وجوب أصله يعنى ظاهرًا وإلا ورد نهى الكراهة، وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه يدل على فساد الوصف لأنه المنهى عنه لنا استدلال العلماء على تحريم صوم يوم العيد بنحوه وبما تقدَّم من المعنى، قالوا دل لناقض تصريح الصحة وطلاق الحائض وذبح ملك الغير معتبر وأجيب بأنه ظاهر فيه وما خولف فبدليل صرف النهى عنه).
أقول: ما ذكرناه هو المنهى عنه لعينه وأما المنهى عنه لوصفه مثل عقد الربا حرام لاشتماله على الزيادة فهو كذلك أى يدل على الفساد خلافًا للأكثر، وقال الشافعى النهى عن الصوف بضاد وجوب أصله ومعنى قول الشافعى رضى اللَّه عنه أنه ظاهر فى عدم وجوب أصله فيضاد وجوب الأصل ظاهرًا لا أنه يضاده عقلًا، وإلا ورد عليه نهى الكراهة ولزم أن لا يجامع مع وجوب أصله لأن نسبة الكراهة والتحريم إلى الوجوب فى التضاد سواء فلو لم يجامع أحدهما لم يجامع الآخر وذلك يوجب أن لا يتأدى الواجب بالصلاة والصوم المكروهين وأنه باطل إجماعًا، وقال أبو حنيفة رضى اللَّه عنه يدل على فساد الوصف ولا يدل على فساد أصله وهو المنهى عنه لوصفه حتى لو طرح الزيادة عاد عقد الربا صحيحًا، لنا استدلال العلماء على فساد صوم يوم العيد بنهى الرسول عنه وليس ذلك نهيًا عنه لأنه صوم بل لأنه فى يوم العيد وأنه وصف وأيضًا ما تقدَّم من المعنى وهو التقسيم فى مصلحة النهى والصحة وأنهما متساويان أو لا. . . إلخ، قالوا: لو دل النهى عن الشئ لوصفه على الفساد لناقض النهى التصريح بالصحة ولا تناقض كما مر وأيضًا وجب أن لا يعتبر طلاق الحائض ولا ذبح ملك الغير لحرمته إجماعًا، وهما معتبران.
والجواب: أنه ظاهر فى الفساد وقد علمت أنه يجوز التصريح بخلاف الظاهر وأنه يجوز مخالفة الظاهر للدليل فلعل ما ذكرتم من الصور خولف فيه الظاهر لدليل صرف النهى عنه إلى وصفه.
قوله:(وأما المنهى عنه لوصفه) قال الشارح العلامة هو أن ينهى عن الشئ مقيدًا بصفة نحو لا تصل كذا, ولا تبع كذا، وحاصله ما ينهى عن وصفه لا ما يكون الوصف علة للنهى على ما تشعر به عبارتهم، وهذا يخالف المنهى عنه لغيره لأنه الذى نهى فيه عن أمر يقارنه نحو الصلاة فى الأرض المغصوبة فإن النهى عنها لشغل حيز الغير الذى هو المنهى عنه لعينه والخلاف المشهور ههنا هو أن الشارع إذا