أوجب الصوم وحرم إيقاعه فى يوم النحر فمتعلق التحريم عند أبى حنيفة رحمه اللَّه هو إيقاع الصوم فيه الذى هو وصف المنهى عنه لا نفسه فلا يضاد وجوب أصله لتغاير المتعلقين وعند الشافعى رحمه اللَّه يضاد وجوب أصله لأن تحريم إيقاع الصوم فى اليوم تحريم للصوم وكلام المصنِّف سيما فى المنهى صريح فى أن الخلاف ههنا كالخلاف فى المنهى عنه لعينه واللَّه أعلم.
قوله:(لا أنه) أى النهى عن الوصف (يضاده) أى وجوب الأصل عقلًا كان الأنسب أن يقول قطعًا لأنه المقابل للظاهر (وإلا ورد عليه) أى على ما ذكره الشافعى (نهى الكراهة) كالصلاة فى الأماكن المكروهة مع أنها تقع عن الواجب وأما إذا أراد أنه يضاده ظاهرًا لم يرد ذلك لأن الظاهر قد يندفع بمعارض أقوى وهو الإجماع على أن ما نهى نهى الكراهة فأصله واجب وقد يعتذر بأن كلام الشافعى فيما إذا كان النهى لوصف ونهى الكراهة ليس كذلك بل هو لأمر مجاور وبينهما فرق، وأما الحنفية فيفرقون بين المنهى عنه لذاته ولجزئه ولوصف لازم ولوصف مجاور ويحكمون فى البعض بالصحة وفى البعض بالفساد فى الأصل أو فى الوصف ولهم فى ذلك فروق وتدقيقات تطلب من أصولهم.
قوله:(ينهى الرسول) شرح لقوله فى المتن: بنحوه.
وقوله:(وأيضًا ما تقدَّم) شرح لقوله: وبما تقدَّم إشعارًا بأنه ليس عطفًا على نحوه كما هو الظاهر بل على ما قبله أى ويحتج أيضًا بما تقدَّم وهو أنه لم يفسد لزم من نفيه حكمة يدل عليها النهى ومن ثبوته حكمة تدل عليها الصحة واللازم باطل لأن الحكمتين إن كانتا متساويتين تعارضتا وتساقطتا فامتنع النهى لخلوه عن الحكمة، وإن كانت حكمة النهى مرجوحة فأولى بالامتناع وإن كانت راجحة امتنع الصحة لخلوها المصلحة.
قوله:(كما مر) أى فى المنهى عنه لعينه فكما جاز أن يقول نهيتك عن الربا لعينه لكن لو فعلت تملك فكذا نهيتك عن الربا لاشتماله على الزيادة ولو فعلت تملك ونهيتك عن الصلاة فى وقت كذا أو مكان كذا ولو صليت صحت.
قوله:(صرف النهى عنه) أى عما خولف فيه يعنى ذات المنهى عنه وأصله إلى وصفه فصار الفاسد هو الوصف لا الأصل وإن كان الظاهر عند التجرد عن القرائن فصار الأصل وما ذكره العلامة من أن الدليل صرف النهى عن الوصف إلى أمر خارج فبعيد جدًا.