للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال: الخصوص متيقن فجعله له حقيقة أولى رد بأنه إثبات لغة بالترجيح وبأن العموم أحوط فكان أولى، قالوا: لا عام إلا مخصص فيظهر أنها للأغلب، رد بأن احتياج تخصيصها إلى دليل مشعر بأنها للعموم وأيضًا فإنما يكون ذلك عند عدم دليل الاشتراك أطلقت لهما والأصل الحقيقة وأجيب بأنه على خلاف الأصل وقد تقدَّم مثله، الفارق الإجماع على التكليف للعام وذلك بالأمر والنهى، وأجيب بأن الإجماع على الإخبار للعام).

أقول: هذه حجج المخالفين فالقائلون بأن هذه الصيغ حقيقة فى الخصوص قالوا: أولًا: أن الخصوص متيقن لأنها إن كانت له فمراد وإن كانت للعموم فداخل فى المراد وعلى التقديرين يلزم ثبوته بخلاف العموم فإنه مشكوك فيه إذ ربما كان للخصوص فكان العموم غير مراد ولا داخل فيه فلا يثبت فجعله حقيقة للخصوص المتيقن أولى من جعله للعموم المشكوك فيه.

الجواب: أولًا: إنه إثبات اللغة بالترجيح وذلك لا يجوز بل لا يثبت إلا بالنقل كما عرف، وثانيًا: أن العموم أحوط لاحتمال أن يراد العموم فلو حمله على الخصوص أضاع غيره مما يدخل فى العموم فخالف الأمر والأحوط أولى وأعلم أن ذلك مما يختلف فى الإيجاب والإباحة.

قالوا: ثانيًا: مشهور فى الألسن حتى صار مثلًا أنه ما من عام إلا وقد خص منه والظاهر أنه للأغلب حقيقة وفى الأقل مجاز تقليلًا للمجاز.

الجواب: أولًا: إن احتياج خروج البعض عنها إلى التخصيص بمخصص ظاهر فى أنه للعموم ولا يحمل على الخصوص إلا لدليل وهو دليل المجاز فى الخصوص والحقيقة فى العموم، وثانيًا أن ذلك أى ظهور كونها حقيقة للأغلب إنما يكون عند عدم الدليل على أنه للأقل كالغائط والمزادة، وههنا قد دلت أدلتنا عليه.

القائلون بالاشتراك قالوا: قد أطلقت الصيغة للعموم والخصوص، والأصل فى الإطلاق الحقيقة فتكون حقيقة فيهما وهو معنى الاشتراك.

الجواب: الاشتراك خلاف الأصل فيحمل على المجاز فى أحدهما لأنه أولى من الاشتراك وقد تقدَّم مثله فى مسألة تعارضهما، الفارق وهو القائل بأنهما فى الأمر والنهى للعموم، وفى الإخبار متوقف قال الإجماع منعقد على أن التكليف للعام أى لعامة المكلفين والتكليف إنما يتصوّر بالأمر والنهى فلولا أن صيغهما

<<  <  ج: ص:  >  >>