مجازى لهذا المعنى الثالث أعنى المجموع وقد هجر الحقيقة والمجاز الأول وخرجا عن الإرادة بخصوصهما ودخلا فى بحث مراد ثالث، احتج الشافعى رحمه اللَّه على كونه حقيقة ظاهرة فى الجميع بقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}[الحج: ١٨]، والسجود من الناس وضع الجبهة على الأرض ومن غيرهم أمر مخالف لذلك قطعًا، وبقوله:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٦]، والصلاة من اللَّه مغفرة ومن الملائكة استغفار وهما مختلفان.
الجواب: أولًا: أن معنى السجود فى الكل واحد وهو غاية الخضوع وكذا فى الصلاة وهو الاعتناء بإظهار الشرف ولو مجازًا فيكون متواطئًا لا مشتركًا وثانيًا بأنه بتقدير خبر أو فعل حذف لدلالة ما يقارنه عليه أى يقدر فى الآية الأولى فعل كأنه قال: ويسجد له كثير من الناس، وفى الثانية خبر كأنه قال إن اللَّه يصلى وإنما جاز ذلك لأن يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض وملائكته يصلون مقارن له وهو مثل المحذوف فكان دالًا عليه مثل:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأى مختلف
أى نحن بما عندنا راضون وعلى هذا فقد يكون كرر اللفظ مرادًا به كل مرة معنى لأن المقدور فى حكم المذكور وذلك جائز اتفاقًا، وثالثًا بأنه وإن ثبت الاستعمال فلا يتعين كونه حقيقة بل نقول إنه مجاوز وإن كان خلاف الأصل بما ذكرنا من الدليل.
قوله:(بأن يراد به) متعلق بقوله يصح إطلاقه على كل واحد من معنييه لا بقوله كما يصح لأن إرادة هذا وهذا فى إطلاق واحد لا تكون على سبيل البدل ولأن محل النزاع أليق بأن يوضح (وذلك) أى إرادة هذا وهذا غير إرادة المجموع لأن فى كل واحد مناط الحكم ومتعلق الإثبات والنفى بخلاف ما إذا أريد به المجموع فإنه لا يلزم ذلك وبالجملة فرق ما بينهما فرق ما بين الكل الإفرادى والكل المجموعى، وهو مشهور يوضحه أنه يصح كل فرد تسعه هذه الدار ولا يصح كل الأفراد ويصح كل الأفراد يرفع هذا الحجر ولا يصح كل فرد فللمشترك أحوال إطلاقه على كل من المعنيين على سبيل البدل بأن يطلق تارة ويراد هذا