ويطلق تارة أخرى، ويراد ذلك ولا نزاع فى صحته وفى كونه حقيقة إطلاقه على أحد المعنيين لا على التعيين بأن يراد به فى إطلاق واحد هذا أو ذاك مثل:"تربصى قرءًا"، أى طهرًا أو حيضًا، وليكن ثوبك جونًا أى أبيض أو أسود وليس فى كلام القوم ما يشعر بإثبات ذلك أو نفيه إلا ما يشير إليه كلام المفتاح من أن ذلك حقيقة المشترك عند التجرد عن القرائن، الثالث: إطلاقه على مجموع المعنيين بأن يراد به فى إطلاق واحد المجموع المركب من المعنيين بحيث لا يفيد أن كلا منهما مناط الحكم ولا نزاع فى امتناع ذلك حقيقة وفى جوازه مجازًا إن وجدت علاقة مصححة فإن قيل علاقة الجزء والكل متحققة قطعًا، قلنا ليس كل ما يعتبر جزءًا من مجموع يصح إطلاق اسمه عليه للقطع بامتناع إطلاق الأرض على مجموع السماء والأرض بناء على أنها جزء ورابعها إطلاقه على كل واحد منهما بأن يراد به فى إطلاق واحد هذا وذاك على أن يكون كل منهما مناط الحكم ومتعلق الإثبات والنفى وهذا هو المتنازع فيه وعلى هذا قياس الجمع بين الحقيقة والمجاز أعنى إرادة المعنى الحقيقى والمجازى بل ربما يستغنى عنه بذكر المشترك نظرًا إلى أن اللفظ موضوع للمعنى الحقيقى بالشخص وللمجازى بالنوع.
قوله:(للأمر والتهديد) يعنى على تقدير كون الصيغة حقيقة فيهما وهذا أولى من التمثيل بالقرء للطهر والحيض والجون للأسود والأبيض، لأنه ربما يصح بحسب الحكم مثل القرء من صفات النساء والجون جسم.
قوله:(ونقل عن الشافعى رحمه اللَّه) يعنى يصح للمتكلم استعماله فيهما ويجب على السامع حمله عليهما عند الإطلاق فهذا أخص من مذهب القاضى والمعتزلة والمراد الصحة اللغوية فيتميز عن مذهب أبى الحسين والغزالى إذ الصحة عندهما عقلية بمعنى أنه لا دليل على امتناعه سوى منع أهل اللغة.
وقوله:(بل لا يصح أن يراد كما ذكرنا) إشارة إلى ما قال أنه زعم قوم أن الدليل القاطع قائم على امتناعه وسيجئ تقرير الدليل بجوابه فضبط المذاهب أنه لا يصح مطلقًا أو يصح عقلًا لا لغة أو يصح لغة فى النفى فقط أو فى الإثبات أيضًا لكن فى الجمع خاصة أو فى الكل من غير ظهور فى المعنيين جميعًا، أو مع الظهور فيهما ثم لا يخفى أن ذكر المعنيين لمجرد التمثيل وأنه أقل مراتب التعدد وإلا فالمعانى أيضًا كذلك بلا تفاوت.