للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التامة كما يخرج قولان من التام إذا لم يشركا فى حد أوسط وإنما قال: فصاعدًا؛ ليتناول القياس المركب من أقوال وفى توحيد الضمير وتذكيره فى عنه تنبيه على أن الهيئة لها مدخل فى ذلك قيل: إنما وصف القول بالآخر ليخرج عنه مجموع أى قضيتين اتفقتا فإنه يستلزم إحداهما وهذا لا يصح ههنا إذ لا يكون إحداهما ولا اعتبر حصول القول الآخر سواء كان لازمًا بينًا أو غير بين أو لا يكون لازمًا تناول حد الأمارة وغيرها لأنه يجمع التمثيل والاستقراء، والقياس البرهانى المؤلف من مقدمات قطعية لإفادة اليقين والجدلى المركب من قضايا مشهرة أو مسلمة لإلزام الحكم لحفظ الأوضاع وهدمها، والخطابى المؤلف من قضايا ظنية مقبولة أو غيرها لإقناع من هو قاصر عن درك البرهان وعبر عنهما بالظنى، والشعرى المركب من قضايا مخيلة لإفادة القبض والبسط فى الإحجام والإقدام، والمغالطى الذى يتركب من قضايا مشبهة بالمشهورات وتسمى شغبًا أو بالأوليات وتسمى سفسطة وعبر عنها بالسفسطى إطلاقًا للأخص على الأعم فاستوفى الصناعات بأسرها.

قوله: (إذ يختص بالبرهانى منه) أى من الدليل أو من القياس، إذ لا برهان من غيره إلا إذا كان راجعًا إليه (وأما غير البرهانى فلا يستلزم لذاته شيئًا فإنه لا علاقة عقلية بين الظن وبين شئ) يستنكاد هو منه (لانتفائه مع بقاء سببه) الذى يتوصل منه إليه وفى اكتفائه فى بيان المدعى بحال الظن وسببه إيماء إلى أن ما عدا البرهانى إما ظنى أو فى حكمه فإن قلت: قد أطبق جمهور المنطقيين على اعتبار قيد الاستلزام فى تعريف القياس وجعلوه مع ذلك شاملًا للصناعات الخمس أجيب بأنهم زادوا قيدًا آخر وهو تقدير تسليم مقدماته فالاستلزام فى الكل إنما هو على ذلك التقدير وأما بدونه فلا استلزام إلا فى البرهانى، وهو المراد ههنا فلا منافاة بينهما، وفساده ظاهر؛ لأن التسليم لا مدخل له فى الاستلزام فإن تحقق اللزوم لا يتوقف على تحقق الملزوم ولا اللازم كما لا يخفى أو لا يرى إلى قولنا: إن العالم قديم وكل قديم مستغنٍ عن المؤثر يستلزم قولنا: العالم مستغن عن المؤثر إذ لو تحقق الأول فى نفس الأمر تحقق الثانى قطعًا وهو معنى الاستلزام ولا تحقق لشئ منهما، وإنما صرح بتقدير التسليم إشارة إلى أن القياس من حيث هو قياس لا يجب أن تكون مقدماته مسلمة صادقة ولو اكتفى بما عداه لتوهم أن تلك القضايا متحققة فى الواقع وأن اللازم متحقق فيه أيضًا كما ذكر فى موضعه فالحكم بعدم

<<  <  ج: ص:  >  >>