الاستلزام فى غير البرهانى إنما يتم بأن يبين تحققه أو جواز تحققه بدون النتيجة كما فى انتفاء الظن مع بقاء سببه لا بأن يبين جواز عدم تحققه فى نفسه.
قوله:(وفيه بحث) أى فى استلزام البرهان النتيجة لذاته بحث (مذكور فى علم الكلام) وهو أن فيضان النتيجة بطريق العادة عند الأشاعرة ولا استلزام ذاتيًا هناك إذ لا مؤثر فى النتيجة إلا اللَّه سبحانه وتعالى ولا وجوب عنه ولا عليه، وإن أريد بالاستلزام الذاتى امتناع الانفكاك عنه لذاته عقلًا كما هو المتبادر من العبارة صح التعريف الثانى على رأى أصحابه دون الواقع بخلاف الأول فإنه صحيح مطلقًا وإن حمل على الدوام، والامتناع العادى فقد عدل به عن ظاهره هذا وقد قيل: مراده أن الاستعقاب عادة لا يبعد أن يوجد فى الأمارة أيضًا، ورد بأن وجود التخلف فيها يمنع ذلك ولا تخلف فى البرهان أصلًا، وإن أمكن عقلًا ومن قال: هو أن الأمارة المؤلفة من مقدمتين ظنيتين مثلًا تحصل النتيجة منها على تقدير واحد هو صدقهما معًا دون التقادير الثلاثة الأخر ومع جوازها فعدمها إما راجح أو مساوٍ فلا استلزام لها لذاتها، ولما كان البحث عن الدليل وأقسامه من مسائل الكلام قال: مذكور فيه أى فى موضعه اللائق يذكره هو ذاك فقد أبعد عن المرام بما لا فائدة فيه.
قوله:(وأعلم) أقول الدليل عند الأصوليين على إثبات الصانع سواء أخذ بالمعنى الأول أو الثانى هو العالم إذ يمكن التوصل بصحيح النظر فيه بحسب أحواله إلى هذا المطلوب الخبرى بل إلى العلم به وعند المنطقيين هاتان القضيتان مع هيئة الترتيب العارضة لهما، وظاهر كلامه أن الدليل عندنا لا يطلق إلا على المفردات التى من شأنها أن يتوصل بأحوالها إلى المطالب الخبرية فيجب أن يحمل قولنا: بصحيح النظر فيه، على النظر فى أحواله وصفاته ويجوز أن يجرى على عمومه فيتناول الأقسام الثلاثة كما أوضحناه سابقًا وعلى التقديرين فالمعنيان متباينان صدقًا ومن زعم تساويهما فى الوجود بشرط النظر فى المعنى الأصولى لزسه القول بوجوده فى الكواذب.
قوله:(قيل عدل عن العلوم الثلاثة) أراد هذا القائل أن الشارح قد اعتقد أن علم الأصول يستمد من الفقه ولذا قال فيما سبق أن الاستمداد إجمالًا ببيان أنه