للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: مثل لا آكل وإن أكلت عام فى مفعولاته فيقبل تخصيصه، وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه لا يقبل تخصيصًا لنا إن لا آكل لنفى حقيقة الأكل بالنسبة إلى كل مأكول وهو معنى العموم فيجب قبوله للتخصيص، قالوا: لو كان عامًا لعم فى الزمان والمكان وأجيب بالتزامه وبالفرق بأن أكلت لا يعقل إلا بمأكول بخلاف ما ذكر قالوا: إن أكلت ولا آكل مطلق فلا يصح تفسيره بمخصص لأنه غيره، قلنا المراد المقيد المطابق للمطلق لاستحالة وجود الكلى فى الخارج وإلا لم يحنث بالمقيد).

أقول: الفعل المتعدى إذا وقع فى سياق النفى مثل لا آكل أو فى معناها مثل إن أكلت فأنت طالق إذ ينتفى الطلاق بأن لا يأكل واقتصر عليه غير متعرِّض للمفعول فهو عام فى مفعولاته فيقبل تخصيصه حتى لو قال أردت به مأكولًا خاصًا قبل منه، وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه: إنه لا يقبل تخصيصًا فلو خصصه بمأكول لم يقبل منه، لنا أن لا آكل لنفى حقيقة الأكل وإنما يتحقق نفيه بالنسبة إلى كل مأكول ولذلك يحنث بأيها أكل اتفاقًا، وذلك هو معنى العموم فوجب قبوله للتخصيص كما لو صرح به.

قالوا: أولًا: لو كان عامًا فى مفعولاته كان عامًا فى سائر المتعلقات كالزمان والمكان فكان يقبل التخصيص فيها واللازم منتف اتفاقًا.

الجواب: أما أولًا: فبالالتزام لأن نفى حقيقة الأكل يكون بنفيه فى كل زمان وكل مكان، وأما ثانيًا فبمنع الملازمة لأن أكلت لا يعقل معناه إلا متعلقًا بمأكول ولذلك قيل المتعدى ما لا يعقل إلا بمتعلقه وظرف الزمان والمكان ليس كذلك لجواز أن لا يخطر بالبال أصلًا وإن كان لا ينفك عنهما فى الواقع فإذًا المفعول به كالمذكور، وهو كقولك لا أكلت شيئًا ولا نزاع فى أنه لو ذكر لكان عامًا وقابلًا للتخصيص، وحاصل الجواب أن المفعول به مقدر لوجوب تعقله فكان كالمذكور يلحظ عند الذكر فربما يراد به بعض دون بعض وغيره كالمحذوف لا يلحظ عند الذكر وإنما يلزم من نفى الحقيقة فيثبت ما يلزمه غير مجرى بإرادة ويعلم مما ذكرنا أن مأخذ النزاع أن المفعول به محذوف كسائر المتعلقات أو مقدر لأنه ضرورى للفعل المتعدى دون غيره والاثنان آتيان فى فصيح الكلام، إنما الكلام فى الظهور وبهذا ظهر أن دليل المصنِّف ليس فى محل النزاع وأن التزامه فى الزمان والمكان خلاف الاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>