المفعول فيه وهو الذى يتصوّر فيه العموم بأن يراد لا آكل فى وقت ما وأما الذى هو جزء الفعل فهو نفس الماضى أو الحال أو الاستقبال ولا يتصوّر عموم إلا إذا اعتبر غير ما هو جزء الفعل بأن يوجد أجزاء من الماضى ولو سلم العموم فى المصدر أيضًا فعدم الجزئية والعموم فى بعض المتعلقات كاف فى منع الملازمة القائلة بأنه لو ثبت فى المفعول به لثبت فى جميع المتعلقات وإنما خص الزمان والمكان بالذكر دون السبب ونحوه لأنهما أقرب إلى المفعول به من حيث اللزوم فى الجملة أعنى فى الوجود فإذا لم يعما فغيرهما أولى.
قوله:(والاثثان آتيان) أى حذف الفعول به وتقديره كلاهما واردان فى فصيح الكلام وأما الحذف فكما فى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[آل عمران: ٦٦]، وقولهم فلان يعطى ويمنع، وأما التقدير فكما فى قوله:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا}[آل عمران: ٣٠]، وهو أكثر من أن يحصى.
قوله:(إنما الكلام فى الظهور) أى فى أن الظاهر عند الإطلاق هو الحذف أو التقدير فاستدلال المصنِّف بأنه لنفى الحقيقة ويقتضى العموم بمعنى النفى عن كل مفعول لا يكون واردًا على محل النزاع لاتفاق الفريقين على ذلك بل يجب أن يقيم الدليل على أن الظاهر هو التقدير ليكون فى حكم الملفوظ فيقبل التخصيص، ولما وقع الاتفاق على أن الزمان والمكان عند عدم الذكر من قبيل المحذوف دون المقدر، حتى لا يكون بمنزلة عام ملفوظ قابل للتخصيص، كان منع انتفاء اللازم والقول بأنهما أيضًا من قبيل العام القابل للتخصيص خلاف ما وقع عليه الاتفاق.
قوله:(لتنافيهما) شرح لقوله لأنه غيره لأن مجرد التغاير لا ينافى صحة التفسير وأنت خبير بأن لا تنافى بين القيد والمطلق كيف وبينهما عموم وخصوص، وكأنه فهم من المطلق المأخوذ بشرط الإطلاق وهو المبهم الذى لا يتصوّر تحققه فى الأعيان فلهذا أجاب بمنع كون الأكل للإطلاق بل للمقيد المطابق على ما سبق فى باب الأمر من أنه إذا أمر بفعل مطلق فالمطلوب الفعل الجزئى الممكن المطابق للماهية الكلية المشتركة لا الماهية نفسها وإذا جعلناه للمطلق فالمعنى الأعم على ما هو معنى الماهية لا بشرط شئ لم تتأت المنافاة وإلى ما ذكر فى بحث الأمر أشار المحقق بقوله تنبهت لتقرير مثله.