للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: مثل: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١]، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} [الزمر: ٦٥]، ليس بعام للأمة، إلا بدليل من قياس أو غيره، وقال أبو حنيفة وأحمد رحمهما اللَّه: عام إلا بدليل، لنا القطع بأن خطاب المفرد لا يتناول غيره لغة وأيضًا يجب أن يكون خروج غيره تخصيصًا، قالوا: إذا قيل لمن له منصب الاقتداء اركب لمناجزة العدو ونحوه فهم لغة أنه أمر لأتباعه معه، ولذلك يقال فتح وكسر والمراد مع أتباعه، قلنا ممنوع أو فهم لأن المقصود متوقف على المشاركة بخلاف هذا، قالوا: {إِذَا طَلَّقْتُمُ} [الطلاق: ١]، يدل عليه، قلنا ذكر النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أولًا للتشريف ثم خوطب الجميع، قالوا {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ} [الأحزاب: ٣٧]، ولو كان خاصًا لم يتعد، قلنا نقطع بأن الإلحاق للقياس، قالوا: فمثل: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠]، و {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩]، لا يفيد، قلنا يفيد قطع الإلحاق).

أقول: الخطاب الخاص بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١]، {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١]، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} [الزمر: ٦٥]، ليس بعام للأمة فإن عم فبدليل خارجى من قياس لهم عليه أو نص أو إجماع يوجب التشريك إما مطلقًا أو فى ذلك الحكم خاصة وقال أبو حنيفة وأحمد رحمهما اللَّه: هو عام للأمة ظاهرًا فيحمل عليه إلا بدليل خارجى يصرف عنه ويوجب تخصيصه به لنا أن مثله وضع لخطاب المفرد وخطاب المفرد لا يتناول غيره لغة ولنا أيضًا لو كان يتناول الأمة لكان إخراج غير المذكور والنص على أن المراد هو المذكور دون غيره تخصيصًا للعموم ولا قائل به وقد يقال على الأول أنه يتناوله فى مثله عرفًا، وعلى الثانى لا نسلم بطلان اللازم فإن التخصيص يقع فى العام عرفًا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣].

قالوا: أولًا: من له منصب الاقتداء به بمعنى أنه يقتدى به طائفة كالأمير لجنده وأتباعه إذا قيل له اركب لمناجزة العدو أو اذهب لفتح البلدة الفلانية أو نحوهما فهم منه أن الأمر له ولأتباعه معه، ولذلك يقال إنه كسر العدوّ وفتح المدينة، والمراد هو مع أتباعه لأنهم الذين كسروا وفتحوا لا هو وحده.

والجواب: أن فهم ذلك من الخطاب له ممنوع وإن سلم فإنما يفهم بدليل وهو أن المقصود وهو المناجزة أو الفتح موقوف على مشاركة أتباعه له بخلاف هذه الصورة فإن قيام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحوه مما لا يتوقف على مشاركة الأمة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>