قالوا: ثانيًا: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، فأفرده بالخطاب وأمر بصيغة الجمع والعموم فدل أن مثله عام خطابًا له وللأمة.
الجواب: أن ذكر النبى عليه الصلاة والسلام بالنداء أولًا فيما ذكرتم من المثال للتشريف والخطاب بالأمر للجميع لا أن النداء للجميع ولا يمتنع أن يقال: يا فلان افعل أنت وأتباعك كذا إنما النزاع فيما يقال افعل أنت كذا ولا يتعرض للأتباع.
قالوا: ثالثًا: قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ}[الأحزاب: ٣٧]، أخبر أنه إنما أباحه له ليكون شاملًا للأمة، ولو كان خطابه خاصًا به ولا يتعدى حكمه إلى الأمة لما حصل الغرض.
الجواب: منع الملازمة لجواز أن يتعدّى حكمه إليهم بالقياس والأمر كذلك فإنا نقطع بأن الإلحاق للقياس وإباحة زينب له خاصة ولا يدل على الإباحة للغير.
قالوا: رابعًا: لو كان خطابه لا يعم الأمة لكان مثل قوله: {خَالِصَةً لَكَ}[الأحزاب: ٥٠]، و {نَافِلَةً لَكَ}[الإسراء: ٧٩]، غير مقيد لدلالته على اختصاص الخطاب به، وهو مستفاد من نفس الخطاب واللازم باطل لامتناع اللغو فى كلامه تعالى.
الجواب: منع عدم الفائدة فإن الخطاب وإن لم يدل على العموم فلا يدل على عدم العموم بل هو محتمل لهما وهذا يقطع احتمال العموم وفائدته أنه لا يلحق الأمة به للقياس كما كان يلحق به لو لم يرد {خَالِصَةً لَكَ}[الأحزاب: ٥٠]، و {نَافِلَةً لَكَ}[الإسراء: ٧٩] عليه.
قوله:(لنا أن مثله) الدليل على المقدمتين الاستقراء وإجماع أئمة اللغة.
قوله:(إخراج غير المذكور) توضيح للمقصود بما وقع فى المتن من لفظ الخروج ثم فسر الإخراج بالنص على أن المراد هو المذكور لا غير إذ لا دخول ههنا حتى تتحقق حقيقة الإخراج.
قوله:(ولا قائل به) تنبيه على أن القول بكونه تخصيصًا خلاف ما عليه الاتفاق لا مجرد كونه خلاف الأصل حتى يتوجه النقض بسائر الصور بأن يقال: لو كان الجمع المعرف عامًا لكان إخراج البعض عنه تخصيصًا وهو خلاف الأصل إذ الأصل عدم التخصيص فيجاب بأن ذلك فيما يشك فى عمومه.