للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: شرط الاستثناء الاتصال لفظًا أو ما فى حكمه كقطعه لتنفس أو سعال ونحوه، وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما يصح وإن طال شهرًا، وقيل يجوز بالنية كغيره وحمل عليه مذهب ابن عباس رضى اللَّه عنهما لقربه وقيل يصح فى القرآن خاصة، لنا لو صح لم يقل -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليكفر عن يمينه" معينًا لأن الاستثناء أسهل وكذلك جميع الإقرارات والطلاق والعتق وأيضًا فإنه يؤدى إلى أن لا يعلم صدق ولا كذب، قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: "واللَّه لأغزون قريشًا -ثم سكت- وقال بعده: إن شاء اللَّه"، قلنا يحمل على المسكوت المعارض لما تقدَّم، قالوا: سأله اليهود عن لبث أهل الكهف فقال عليه الصلاة والسلام: غدًا أجيبكم فتأخر الوحى بضعة عشر يومًا، ثم نزل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: ٢٣]، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن شاء اللَّه"، قلنا يحمل على: أَفعل إن شاء اللَّه. وقول ابن عباس رضى اللَّه عنهما متأول بما تقدَّم أو بمعنى المأمور به).

أقول: يشترط فى الاستثناء اتصاله بالمستثنى منه لفظًا أو ما هو فى حكم الاتصال فلا يضر قطعه بتنفس أو سعال ونحوهما مما لا يعدّ منفصلًا عرفًا، وروى عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما أنه يصح الاستثناء وإن طال الزمان شهرًا، وقيل لا يجب الاتصال لفظًا بل يجوز الاتصال بالنية وإن لم يتلفظ به كالتخصيص بغير الاستثناء وحمل بعضهم مذهب ابن عباس رضى اللَّه عنهما على هذا حتى لو قال بعد شهر أردت إلا كذا يسمع منه، وذلك لأن هذا ليس ببعيد ولو حمل على ظاهر قوله وهو جوازه مطلقًا نواه أم لا، لكان بعيدًا جدًا، قيل يصح الانفصال فى كتاب اللَّه خاصة، لنا لو صح انفصال الاستثناء لما قال صلى اللَّه تعالى عليه وسلم: "من حلف على شئ ثم رأى غيره خيرًا منه فليعمل به وليكفر عن يمينه" فلم يوجب التكفير معينًا بل قال: فليستثن أو يكفر، وأوجب أحدهما لا بعينه لأنه لا حنث بالاستثناء مع كونه أسهل، فكان ذكره أولى، وإذا لم يذكر معينًا فلا أقل أن يخير بينهما لعدم وجوب شئ منهما معينًا وكذلك جميع الإقرارات والطلاق والعتق كان ينبغى أن يستثنى منها نفيًا لأحكامها بأسهل الطرق، والإجماع بخلافه، كيف ولو صح لقال به أحد، ولم يقل، كيف ونحن نعلم قطعًا أنه لو قال: على عشرة وقال بعد شهر إلا ثلاثة، لم يعدّ منتظمًا وحكم عليه بأنه لغو، ولنا أيضًا أنه يؤدى إلى أن لا يعلم صدق ولا كذب لجواز استثناء يرد عليه فيصرفه عن ظاهره

<<  <  ج: ص:  >  >>