قال:(قالوا: لو كان للزم من لا علم إلا بحياة ولا صلاة إلا بطهور ثبوت العلم والصلاة بمجردهما قلنا ليس مخرجًا من العلم والصلاة فإن اختار تقدير لا صلاة إلا صلاة بطهور إطراد، وإن اختار لا صلاة تثبت بوجه إلا بذلك فلا يلزم من الشرط المشروط وإنما الإشكال فى المنفى الأعم فى مثله وفى مثل ما زيد إلا قائم إذ لا يستقيم نفى جميع الصفات المعتبرة أجيب بأمرين الأول: أن الغرض المبالغة بذلك، الثانى: أنه أكدها، والقول بأنه منقطع بعيد لأنه مفرغ وكل مفرغ متصل لأنه من تمامه).
أقول: الحنفية قالوا: لو كان الاستثناء من النفى للإثبات للزم من قولنا لا علم إلا بحياة ثبوت العلم بمجرد الحياة، ومن قولنا لا صلاة إلا بطهور ثبوت الصلاة بمجرد الطهور، وأنه باطل بالاتفاق.
الجواب: أن قولنا إلا بحياة وإلا بطهور، ليس إخراج الحياة من العلم والطهور من الصلاة فثبتا بثبوتهما، وذلك أنا لم نقل لا صلاة إلا الطهور ولا علم إلا الحياة، بل قلنا بحياة وبطهور فلا بد من تقدير متعلق هو المستثنى بالحقيقة وهو إما صلاة بطهور تستثنى من حاصلة خبر لـ "لا صلاة" فيكون التقدير لا صلاة حاصلة إلا صلاة بطهور، وأما وجه من الوجوه التى تقع عليها الصلاة تستثنى من تثبت بوجه خبرًا له، فيكون التقدير لا صلاة تثبت بوجه من الوجوه إلا باقترانها بالطهور، فإن اختار فى تقديره لا صلاة إلا صلاة بطهور فيطرد فإن كل صلاة بطهور صلاة حاصلة قطعًا، وإن اختار فى تقديره لا صلاة تثبت بوجه إلا بطهور فإنه إنما تثبت بهذا الوجه ولا تخلو عنه، كما تقول كتبت بالقلم فإنه لا يقتضى علية القلم باستقلاله للكتابة بل كونه آلة لا تحصل الكتابة إلا به فهذا تصريح بكون الطهور شرطًا للصلاة فكأنه قال لا وجه يعتبر فى ثبوتها إلا هذا ويلزم منه ثبوت كونه شرطًا وأنه حق لكن لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط لزومًا، كليًا يحصل بمجرده بل يحصل بحصوله فى الجملة والأمر كذلك، هاهنا فاندفع الإشكال من جهة الإثبات، وإنما الإشكال فى مثل هذا التركيب فى المنفى الأعم الذى يقتضيه الاستثناء المفرغ، وهو أن لا تكون الصلاة بلا طهور صلاة وأن لا تثبت بوجه غير هذا الوجه فيلزم نفى الصفات المعتبرة إذا حصلت مع الطهور وكذلك فى قولنا ما زيد إلا عالم فإنه يلزم أن لا يكون إنسانًا ولا حيًا ولا موجودًا