ولا شيئًا إلى غير ذلك. والجواب عنه بأمرين: أحدهما: أن المراد المبالغة فى تحقق العلم لزيد كأن قائلًا قال ما زيد عالمًا فقال ما زيد إلا عالم نفيًا لما يتوهمه الخاطب من نفى العلم وثبوت الجهل له، والآخر: أن ذلك آكد صفاته فكان سائر الصفات بالنسبة إليه غير معتبرة والذى عليه أرباب المعانى أن المراد نفى ما يتوهمه المخاطب من الحكم وإثبات غيره فإذا قال لا صلاة إلا بطهور، فإنما يرد على من يظن أن الصلاة إذا استجمعت الشرائط صحت بدون الطهور فكان معناها أنها لا تصح بدون ذلك وتصح مع الطهور، وكذا فى ما زيد إلا عالم إنما يقوله ردًا لمن ظن أنه جاهل أو أكار أو غيره، هذا وقد قيل أنه استثناء منقطع إذ لم يدخل العلم فى الحياة والطهور فى الصلاة فلا إخراج حقيقة وقولهم هذا بعيد فإنه استثناء مفرغ وكل استثناء مفرغ متصل لأنه من تمام الكلام وإليه النسبة ولذلك لم يجز نصبه ويقدر بقدر الضرورة عام يناسبه ويتناوله كما قدرنا.
قوله:(الحنفية) لا خفاء فى أن مثل "لا صلاة إلا بطهور ولا نكاح إلا بولى"، ولا ملك إلا بالرجال ولا رجال إلا بالمال ولا مال إلا بالسياسة إنما يدل على أن المستثنى منه مشروط بالمذكور لا يتحقق بدونه، وأما أنه يتحقق معه فلا ولو كان الاستثناء من النفى إثباتًا للزم الثبوت معه البتة ولما كان الإشكال قويًا بالغ الشارح المحقق فى تحقيق الجواب وتوضيحه وحاصله أنه لا بد من تقدير أمر يتعلق به قولنا بطهور على أن يكون ظرفًا مستقرًا صفة له أى إلا صلاة بطهور أو ظرفًا لغوًا صلة له أى إلا باقترانها بطهور وذلك المتعلق هو المستثنى وأما المستثنى منه فعلى الأول مذكور هو النكرة المنفية وعلى الثانى محذوف هو بوجه من الوجوه والاستثناء مفرغ وقول الشارح أنه استثنى من حاصلة أو من تثبت معناه أن الحكم الذى أخرج منه المستثنى هو ذلك، فالخصم إن اختار التقدير الأول كان معنى الإثبات أن كل صلاة بطهور حاصلة ولا فساد فيه كان اختار الثانى كان معناه أن الاقتران بالطهور يعتبر فى ثبوت الصلاة البتة لأن معنى صدر الكلام أنه لا وجه يعتبر فى ثبوت الصلاة فلا معنى للإثبات فى المستثنى سوى أنه يعتبر وهو حق والاعتراض على الأول بأنه إن أريد الحصول الشرعى فلا اطراد إذ قد يوجد الطهور ولا يوجد غيره من الشرائط فلا يصح وإن أريد الحصول الحسى فلا معنى