للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: رجوع الضمير إلى البعض ليس بتخصيص الإمام وأبو الحسين تخصيص وقيل بالوقف مثل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} [البقرة: ٢٢٨]، مع {بُعُولَتُهُنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، لنا لفظان فلا يلزم من مجاز أحدهما مجاز الآخر، قالوا: يلزم مخالفة الضمير وأجيب بأنه كإعادة الظاهر الوقف لعدم الترجيح، وأجيب: بظهور العموم فيهما فلو خصصنا الأول خصصناهما ولو سلم فالظاهر أقوى).

أقول: إذا ذكر عام وبعده ضمير يرجع إلى بعض ما يتناوله لم يكن تخصيصًا له، وقال إمام الحرمين وأبو الحسين البصرى: إنه تخصيص وقيل بالوقف، مثاله قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، ثم قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، والضمير فى بردّهن للرجعيات فلا يوجب تخصيص التربص بالرجعيات، بل يعم الرجعيات، والبائنات لنا أنهما لفظان فلا يلزم من خروج أحدهما عن ظاهره وصيرورته مجازًا، خروج الآخر وصيرورته مجازًا فغايته أن ظاهر الضمير أن يكون عامًا وقد خص فلم يلزم مثله فى المرجوع إليه.

قالوا: يلزم من خصوص الضمير مع بقاء عموم ما له الضمير مخالفة الضمير للمرجوع إليه وأنه باطل.

الجواب: أن الضمير كإعادة الظاهر ولا شك أنه لو أعاد الظاهر وأراد به ثانيًا الخصوص لم يلزم منه خصوص الأول ولم يحكم بكونه غير الأول ومخالفًا له فكذا ههنا القائل بالوقف، قال يلزم تخصيص الظاهر أو المضمر دفعًا للمخالفة وكلاهما تحكم لعدم المرجح فوجب التوقف.

الجواب: أولًا: أنهما ظاهران فى العموم فإذا خصصنا الأول لزم تخصيص الثانى، وإذا خصصنا الثانى لم يلزم تخصيص الأول، وما فيه مخالفة للظاهر أولى مما فيه مخالفتان ولو سلم فالظاهر أقوى دلالة من المضمر ورفع الأضعف أسهل.

قوله: (الإمام وأبو الحسين تخصيص) قال الآمدى ذهب بعض أصحابنا وبعض المعتزلة كالقاضى عبد الجبار وغيره إلى امتناع التخصيص بذلك ومنهم من جوّزه ومنهم من توقف كإمام الحرمين وأبى الحسين البصرى.

قوله: (إن الضمير كإعادة الظاهر) قد يمنع ذلك والأولى المعارضة بأنه لو خصص الأول يلزم مخالفة ظاهره أيضًا فيتعارضان والترجيح مغيًا كما سيجئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>