الجواب: أولًا: أنه أخر السنة عن الكتاب مع جواز تخصيص السنة للكتاب اتفاقًا، وثانيًا: أنه ليس فى خبره ما يدل على امتناع تخصيص الخبر بالقياس غايته أنه لا يبطل الخبر بالقياس وأما العمل بهما جمعًا للدليلين فلم يمنعه، وقد استدل عليه أيضًا بأن الدليل على وجوب العمل بالقياس به إنما هو الإجماع ولا إجماع على وجوب العمل به عند مخالفة العموم للخلاف فيه فامتنع العمل به إذ لا يثبت حكم بلا دليل.
الجواب: أن العلة المؤثرة وهى المعتبرة بالنص أو الإجماع ومحل التخصيص وهو الذى خص بالأصل فيه بنص وهى التى ذكرنا أنها يقدم فيها القياس على النص يرجعان إلى النص وهو قوله: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة" فإذا ثبت العلية أو الحكم فى حق واحد ثبت فى حق الجماعة بهذا النص ولزم تخصيص العام به وكان بالحقيقة تخصيصًا بالنص لا بالقياس وأما ما سواهما مما اعتبرنا فيه الترجيح بالقرائن فلا شك أنه إذا ترجح الخاص صار مظنونًا فوجب اعتباره للقطع بأن الظن هو المعتبر كما ذكرنا فى الإجماع الظنى، ثم إنه نبه على نكتة فقال: هذه القضية وأمثالها قطعية عند القاضى، لما تقرر من وجوب العمل بالراجح من الأمارات قطعًا فيحصل قياس هكذا هذا مظنونى مجتهدًا، وكل ما هو مظنونى مجتهدًا يجب على العمل به فهذا يجب على العمل به والصغرى وجدانية والكبرى ضرورية من الدين، وقال قوم: إنها ظنية لأن الدليل الخاص به ظنى والمأخوذ من الظنى ظنى وسيأتيك فى باب الاجتهاد لهذا تتمة وتحقيق.
قوله:(لنا أنها كذلك) إشارة إلى أن ضمير أنها لما يشعر به الكلام من القياسات لا للعلة وإلى أن كذلك حال لا خبر لأن وإنما الخبر قوله: كالنص، ولم يجعل الضمير للعلة على ما هو الظاهر وذهب إليه الشارحون لأن الكلام فى تخصيص العموم بالقياس لا بالعلة وليندرج تحت اسم الإشارة كون الأصل مخرجًا بنص فينطبق الدليل على المدعى ثم لا يخفى أن المراد أنها كالنص إذا ثبت علتها بالنص وكالإجماع إذا ثبت بالإجماع لكنه سكت عنه لما سبق من أن التخصيص بالإجماع إنما هو لتضمنه نصًا مخصصًا، وأما القياسات التى كذلك فلا تخصص العموم لعدم الدليل على جواز التخصيص بها لا لما ذكر من الاستدلال لأنه ضعيف وقد نبه