للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وقد يكون قريبًا فيترجح بأدنى مرجح وقد يكون بعيدًا فيحتاج إلى الأقوى وقد يكون متعذرًا فيرد، فمن البعيد تأويل الحنفية قوله عليه الصلاة السلام لابن غيلان وقد أسلم على عشر نسوة: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن" أى ابتدئ النكاح، أو أمسك الأوائل، فإنه يبعد أن يخاطب بمثله متجدد فى الإسلام من غير بيان مع أنه لم ينقل تجديد قط، وأما تأويلهم قوله عليه الصلاة والسلام لفيروز الديلمى وقد أسلم على أختين: "أمسك أيتهما شئت" فأبعد لقوله أيتهما، ومنها قولهم فى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤]، أى إطعام طعام ستين مسكينًا لأن المقصود دفع الحاجة، وحاجة ستين كحاجة واحد فى ستين يومًا فجعل المعدوم مذكورًا والمذكور معدومًا مع إمكان قصده لفضل الجماعة، وبركتهم وتضافر قلوبهم على الدعاء للمحسن، ومنها قولهم فى: "فى أربعين شاة، شاة" أى قيمة شاة، بما تقدَّم وهو أبعد إذ يلزم أن لا تجب الشاة وكل معنى إذا استنبط من حكم أبطله باطل، ومنها حمل "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل"، على الصغيرة والأمة والمكاتبة، وباطل أى يؤول إليه غالبًا لاعتراض الولى لأنها مالكة لبضعها فكان كبيع سلعة واعتراض الأولياء لدفع نقيصة إن كانت فأبطل ظهور قصد التعميم بتمهيد أصل مع ظهور أى مؤكدة بما وتكرير لفظ البطلان وحمله على نادر بعيد، كاللغز مع إمكان قصده لمنع استقلالها فيما يليق بمحاسن العادات، ومنها حملهم "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" على القضاء والنذر لما ثبت عنده من صحة الصيام بنية من النهار فجعلوه كاللغز فإن صح المانع من الظهور فليطلب أقرب تأويل ومنها حملهم {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: ٤١]، على الفقراء منهم لأن المقصود سد الخلة ولا خلة مع الغنى، فعطلوا لفظ العموم مع ظهور أن القرابة سبب الاستحقاق مع الغنى).

أقول: التأويل ثلاثة أقسام لأنه قد يكون قريبًا فيترجح لقربه بأدنى مرجح وقد يكون بعيدًا فيحتاج لبعده إلى المرجح الأقوى ولا يترجح بالمرجح الأدنى وقد يكون متعذرًا لا يحتمله اللفظ فلا يكون مقبولًا بل يجب رده والحكم ببطلانه وقد عدّ من تأويلات الحنفية عدة وحكم ببعدها فمنها تأويل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لغيلان -وهو الصحيح وفى النسخ لابن غيلان وقد أسلم على عشر نسوة-: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن"، قالوا: مؤوّل إما بأن أمسك أى ابتدئ النكاح وفارق سائرهن أى

<<  <  ج: ص:  >  >>