للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (قالوا: لو نسخت شريعة موسى عليه السلام لبطل قول موسى المتواتر هذه شريعة مؤبدة قلنا مختلق قيل من ابن الراوندى وانقطع أنه لو كان عندهم صحيحًا لقضت العادة بقوله له -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالوا: إن نسخ لحكمة ظهرت له لم تكن ظاهرة له فهو البداء، وإلا فعبث، وأجيب بعد اعتبار المصالح أنها تختلف باختلاف الأزمان والأحوال كمنفعة شرب دواء فى وقت أو حال وضرره فى آخر فلم يتجدد ظهور ما لم يكن قالوا: إن كان مفيدًا فليس بنسخ وإن دل على التأبيد لم يقبل للتناقض بأنه مؤبد ليس بمؤبد ولأنه يؤدى إلى تعذر الإخبار بالتأبيد وإلى نفى الوثوق بتأبيد حكم ما وإلى جواز نسخ شريعتكم، وأجيب بأن تقييد الفعل الواجب بالتأبيد لا يمنع النسخ كما لو كان معينًا مثل صم رمضان ثم ينسخ قبله فإذا أجدر وقوله: صم رمضان أبدًا بالنص يوجب أن الجميع متعلق الوجوب ولا يلزم الاستمرار فلا تناقض كالموت، وإنما المتنع أن يخبر بأن الوجوب باق أبدًا ثم نسخ، قالوا: لو جاز لكان قبل وجوده أو بعده أو معه وارتفاعه قبل وجوده أو بعده باطل ومعه أجدر لاستحالة النفى والإثبات، قلنا: المراد أن التكليف الذى كان زال كالموت لا أن الفعل يرتفع، قالوا: إما أن يكون البارى سبحانه وتعالى علم استمراره أبدًا فلا نسخ، أو إلى وقت معين فليس بنسخ، قلنا: إلى الوقت المعين الذى علم أنه ينسخه فيه وعلمه بارتفاعه بالنسخ لا يمنع النسخ).

أقول: هذه حجج مانعى النسخ، قالوا: أولًا: لو نسخ شريعة موسى عليه السلام لبطل قول موسى: هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض، والتالى باطل لكونه متواترًا فلا يمكن بطلانه متنًا، وقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا يمكن بطلانه معنى.

الجواب: التزام بطلانه ومنع كونه قول موسى ومتواترًا بل هو مختلق، قيل إنما اختلقه ابن الراوندى، والدليل على أنه مختلق أنه لو كان صحيحًا عندهم لقضت العادة بأن يقولوه للنبى ويحتجوا به عليه ولم يقع وإلا لاشتهر عادة.

قالوا: ثانيًا: إن نسخ اللَّه الحكم فإما لحكمة ظهرت له لم تكن ظاهرة له قبل أو لا، وكلاهما باطل، فالأول لأنه هو البداء، وأنه على اللَّه محال، والثانى لأن ما لا يكون لحكمة فهو عبث، وهو أيضًا على اللَّه محال.

الجواب: أنا لا نعتبر المصلحة فإن عنيتم بالعبث ما لا مصلحة فيه فهو ملتزم أو

<<  <  ج: ص:  >  >>