للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيره فلا يلزم، سلمناه لكن المصلحة تختلف باختلاف الأحوال والأزمان كمنفعة شرب الدواء فى وقت أو حالة ومضرته فى حالة أخرى، أو وقت آخر، فقد تتجدد مصلحة لم تكن موجودة لا أنه يتجدد ظهور مصلحة لم تكن ظاهرة فلم يلزم بداء. والحاصل إن عنيتم بظهور المصلحة تجددها اخترنا الإثبات ولا بداء، أو تجدد العلم بها اخترنا النفى ولا عبث.

قالوا: ثالثًا: الحكم الأول إما مقيد بغاية أو مؤبد، وكيف كان لا ينسخ؟ أما إذا كان مقيدًا بغاية فلأن الحكم بخلافه بعد تلك الغاية لا يكون نسخًا، كمن يقول صم إلى العيد ثم يقول فى العيد لا تصم، إذ ليس فيه رفع قطعًا، وأما إذا كان مؤبدًا فلأنه لا يقبل النسخ أما أولًا فللتناقض إذ حاصله أنه مؤيد ليس مؤبدًا، وأما ثانيًا فلأنه يؤدى إلى تعذر الإخبار عن التأبيد بوجه من الوجوه إذ ما من عبارة تذكر له إلا وتقبل النسخ ونحن نعلم بالضرورة أن ذلك كسائر المعانى النفسية يمكن التعبير عنه والإخبار به، وأما ثالثًا فلأنه يؤدى إلى نفى الوثوق بتأبيد حكم ما وقد ذكرتم أحكامًا مؤبدة كالصلاة والصوم، وأما رابعًا، فلأنه يؤدى إلى جواز نسخ شريعتكم وأنتم لا تقولون به.

الجواب: أن التأبيد يمكن أن يجعل قيدًا فى الفعل المتعلق للوجوب، وأن يجعل قيدًا فى الوجوب نفسه، والمبحث جعله قيدًا فى الفعل نفسه أى الفعل أبدًا واجب فى الجملة وحينئذٍ فلا نسلم أنه لا يقبل النسخ وذلك كما لو كان الوقت معينًا بأن يقول صم رمضان هذه السنة ثم ينسخ قبله فيكون رمضان ظرفًا للصوم والوجوب ثابت قبله ويرتفع فلا يوجد فيه، وإذا جاز ذلك مع النصوصية فى الوقت فمع قيد التأبيد وأنه ظاهر فى تناوله ويمكن أن لا يتناوله أجدر، وتحقيقه أن قوله صم رمضان أبدًا يدل على أن كل صوم شهر من شهور رمضان إلى الأبد واجب فى الجملة غير مقيد للوجوب بالاستمرار إلى الأبد فلم يكن رفع الوجوب ومعناه عدم استمراره مناقضًا له وذلك كما تقول: صم كل رمضان، فإن جميع الرمضانات داخلة فى هذا الخطاب، وإذا مات انقطع الوجوب قطعًا، ولم يكن نفيًا لتعلق الوجوب بشئ من الرمضانات وتناول الخطاب له نعم الممتنع أن يجعل التأبيد قيدًا للوجوب، بأن يخبر أن الوجوب ثابت أبدًا ثم ينسخ حتى يأتى زمان لا وجوب فيه وما ذكرتم من الوجوه إنما يبطل هذا القسم ومثله غير واقع ولا النزاع

<<  <  ج: ص:  >  >>