الجواب: أما أولًا: فلأنه لو كان موسعًا لكان الوجوب متعلقًا بالمستقبل لأن الأمر باق عليه قطعًا، فإذا نسخ عنه فقد نسخ تعلق الوجوب المستقبل، وهو المانع عندهم من النسخ، فقد جاز ما قالوا بامتناعه وهو المطلوب، وأما ثانيًا: فلأنه لو كان موسعًا لأخر الفعل ولم يقدم على الذبح، وترويع الولد عادة إما رجاء أنه سينسخ عنه وإما رجاء أن يموت فيسقط عنه لعظم الأمر، ومثله مما يؤخر عادة، وربما دفعوه بوجوه أخر.
منها: أنه لم يؤمر بشئ، وإنما توهم ذلك توهمًا بإراءة الرؤيا ولو سلم فلم يؤمر بالذبح إنما أمر بمقدماته من إخراجه وأخذه المدية وتله للجبين، وهذا ليس بشئ لما مر من قوله:{افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}[الصافات: ١٠٢]، وإقدامه على الذبح والترويع المحرم لولا الأمر كيف ويدل على خلافه قوله:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}[الصافات: ١٠٦]، وقوله:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ١٠٧]، ولولا الأمر لما كان بلاء مبينًا، ولما احتاج إلى الفداء، وعلى أصلهم هو توريط لإبراهيم فى الجهل بما يظهر أنه أمر وليس بأمر وذلك غير جائز.
ومنها: أنا لا نسلم أنه لم يذبح بل روى أنه ذبح وكان كلما قطع شيئًا يلتحم عقيب القطع وأنه خلق صفيحة نحاس أو حديد تمنع الذبح وهذا لا يسمع، أما أولًا: فلأنه خلاف العادة، والظاهر ولم ينقل نقلًا معتبرًا، وأما ثانيًا: فلأنه لو ذبح لما احتيج إلى الفداء ولو منع الذبح بالصفيحة مع الأمر به لكان تكليفًا بالمحال وهم لا يجوزونه ثم قد نسخ عنه وإلا لأثم بتركه فيكون نسخًا قبل التمكن.
قالوا: لو كان الفعل واجبًا فى الوقت الذى عدم الوجوب فيه لكان مأمورًا به فى ذلك الوقت غير مأمور به فى ذلك الوقت وتوارد النفى والإثبات على محل واحد وأنه محال وإن لم يكن واجبًا فى ذلك الوقت فلا يكون نفى الوجوب فيه نسخًا له.
الجواب: نختار أنه ليس مأمورًا به فى ذلك الوقت قولكم فلا نسخ قلنا ممنوع فإنه مأمور به قبل ذلك الوقت ثم ورد تجويز تركه فى وقت آخر، متعلقًا بالفعل فى الوقت الذى كان الوجوب متعلقًا به كما لو مات قبل الوقت فانقطع عنه التكليف بالموت فالتكليف وعدمه قبل الوقت فى زمانين فلا تناقض إلا أن