للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: الجمهور على جواز نسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس، ونسخهما معًا وخالف بعض المعتزلة، لنا القطع بالجواز وأيضًا الوقوع؛ عن عمر: "كان فيما أنزل: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" (*)، ونسخ الاعتداد بالحول، وعن عائشة رضى اللَّه عنها: "كان فيما أنزل: عشر رضعات محرمات" (**)، والأشبه جواز مس المحدث للمنسوخ لفظه، قالوا: التلاوة مع حكمها كالعلم مع العالمية والمنطوق مع المفهوم فلا ينفكان، وأجيب بمنع العالمية والمفهوم ولو سلم فالتلاوة أمارة الحكم ابتداء لا دوامًا فإذا نسخ لم ينتف المدلول وكذلك العكس، قالوا: بقاء التلاوة يوهم بقاء الحكم فيوقع فى الجهل، وأيضًا فتزول فائدة القرآن، قلنا مبنى على التحسين ولو سلم فلا جهل مع الدليل لأن المجتهد يعلم والمقلد يرجع إليه وفائدته كونه معجزًا وقرآنًا يتلى).

أقول: النسخ إما للتلاوة فقط، أو للحكم فقط، أو لهما معًا والثلاثة جائزة، وخالف فيه بعض المعتزلة، لنا أنا نقطع بالجواز فإن جواز تلاوة الآية حكم من أحكامها وما تدل عليه من الأحكام حكم آخر ولا تلازم بينهما وإذا ثبت ذلك فيجوز نسخهما ونسخ أحدهما كسائر الأحكام المتباينة، ولنا أيضًا الوقوع وأنه دليل الجواز أما التلاوة فقط فلما روى عمر رضى اللَّه عنه أنه كان فيما أنزل: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من اللَّه، وحكمه ثابت وإن خصص بالإحصان، وأما الحكم فكنسخ الاعتداد بالحول واللفظ مقروء، وأما هما معًا فما روت عائشة رضى اللَّه عنها أنه كان فيما أنزل: عشر رضعات محرمات، وقد نسخ تلاوته وحكمه، وهل يجوز فى النسوخ أن يمسه المحدث أو يتلوه الجنب، فيه تردد والأشبه أنه لا يجوز فيما نسخ حكمه وأقر تلاوته لأنه قرآن إجماعًا، ويجوز فيما نسخ تلاوته وأقر حكمه، لأنه ليس بقرآن إجماعًا.

قالوا: أولًا: التلاوة مع حكمها فى دلالتها عليه كالعلم مع العالمية والمنطوق مع المفهوم فكما لا ينفك العلم والعالمية ولا المنطوق ومفهومه كذلك لا تنفك التلاوة


(*) أخرجه مسلم (٢/ ١٠٧٥) (ح ١٤٥٢).
(**) أخرجه ابن حبان (١٠/ ٢٧٣) (ح ٤٤٢٨)، والحاكم فى المستدرك (٢/ ٤٥٠) (ح ٣٥٥٤)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأبو عوانة فى مسنده (٤/ ١٢٢) (ح ٦٢٥٧)، والدارمى (٢/ ٢٣٤) (ح ٢٣٢٣)، والبيهقى فى الكبرى (٨/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>