ثانيها: أن تجعل الزيادة شرطًا للأولى ولا تكونا جزأين لعبادة كالطهارة فى الطواف.
وثالثها: أن يرفع المفهوم المخالفة للأولى، مثل إيجاب الزكاة فى المعلوفة بعد قوله:"فى الغنم السائمة زكاة".
فهذه الصور هى محل الخلاف فقالت الشافعية والحنابلة أنها ليست بنسخ مطلقًا، وقالت الحنفية: نسخ مطلقًا، وقال قوم: الثالث وهو ما يرفع مفهوم المخالفة نسخ دون الأولين وهما الجزء المشترط والشرط، وقال القاضى عبد الجبار: الزيادة إن غيرت الأصل تغييرًا شرعيًا حتى صار وجوده كالعدم فنسخ وإلا فلا وذكر أمثلة:
منها: زيادة ركعة على ركعتى الفجر نسخ لأنهما لا يجزيان دونها.
ومنها: زيادة التغريب على الجلد فإنه لا يحصل الحد بالجلد دونه.
ومنها: زيادة عشرين جلدة على حد القذف فإنه لا يحصل الحد بدون العشرين.
ومنها: أن يخير المكلف فى أمرين ثم يخير فيهما وفى أمر ثالث، يقول أعتق أو صم ثم يقول أعتق أو صم أو أطعم، فإن ترك الأولين مع فعل الثالث غير محرم، وقد كان محرمًا فهو كالعدم فى انتفاء الحرمة عنهما، وقال الغزالى: إن اتصلت الزيادة بالأصل زيادة اتحاد فهو نسخ، وإلا فلا، مثاله: زيادة ركعة على صلاة الفجر لأنه لو عدم لم يكن للركعتين أثر أصلًا، وكان الثلاث واجبة بخلاف زيادة عشرين على حد القذف إذ لو عدم كان للباقى أثر إذ سقط الباقى به ولا يجب إلا العشرون.
والمختار أنه إن رفع حكمًا شرعيًا بدليل شرعى كان نسخًا، وإلا فلا، وذلك أن حقيقة النسخ ذلك فإذا ثبت ثبت وإذا انتفى انتفى، ولنذكر أمثلة:
منها: لو قال: "فى الغنم السائمة الزكاة" ثم قال: "فى المعلوفة زكاة"، فإن ثبت المفهوم وتحقق أنه كان مرادًا فنسخ وإلا فلا إذ لا رفع إنما هو دفع للمفهوم إن ثبت.
ومنها: إذا زاد فى صلاة الصبح ركعة فجعلها ثلاث ركعات، كان نسخًا لأنه قد ثبت تحريم الزيادة عليها، ثم ارتفع بوجوبها وكلاهما حكم شرعى.