للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: زيادة التغريب على الجلد لأنه قد ثبت تحريم الزيادة ثم وجوبها وكلاهما بدليل شرعى، فإن قيل وجوب التغريب كان منفيًا بالأصل فرفعه رفع لحكم الأصل ومثله لا يكون نسخًا، قلنا: هذا إنما يصحح لو لم يثبتا تحريمه، فإن التحريم ليس بالأصل بل بدليل شرعى.

ومنها: لو أوجب غسل الرجلين معينًا ثم خير بينه وبين مسح الخف، فهو نسخ لأنه رفع الوجوب عينًا بوجوب أحد الأمرين مخيرًا وهو غيره، وقد ثبتا بدليل شرعى.

ومنها: لو قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: ٢٨٢] ثم ورد نص على جواز الحكم بشاهد ويمين، فإنه ليس بنسخ لأن المرفوع به عدم جواز الحكم بشاهد ويمين، وقوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} لم يثبته فإن قيل مفهوم قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ}، ومفهوم قوله: {فَإِن لَّمْ يَكونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] يمنع الحكم بالشاهد واليمين لأنه غيرهما، والنص قد نفى الغير بالمفهوم، قلنا دل على طلب الاستشهاد لرجلين ما أمكن ولرجل وامرأتين إذا تعذر، فإن سلم مفهومهما فهو إن غيره غير مطلوب، وأما أنه لا يحكم بغيرهما إذا حصل فلم يدل عليه بمنطوق ولا بمفهوم.

ومنها: لو زيد فى الوضوء غسل عضو فليس بنسخ على الأصح لأنه رفع مباح الأصل.

قالوا: نسخ لأن الأعضاء دونه كانت مجزئة، ولم تبق الآن مجزئة والإجزاء حكم شرعى، وقد ارتفع.

الجواب: أن الإجزاء بدونه يدل على الامتثال بفعله وعدم توقفه على شرط آخر، أما الامتثال بفعله فلم يرتفع، وأما عدم توقفه على شرط آخر وإن ارتفع فليس حكمًا شرعيًا بل هو مستند إلى حكم البراءة الأصلية.

ومنها: لو زيد فى الصلاة ركن فإن كان محرمًا قبل فهو نسخ لحرمته لا للصلاة وإن لم يكن محرمًا فليس بنسخ لأنه رفع لحكم الأصل.

قوله: (وعن بعضهم) كأنه لم يعتد بهم فادعى الاتفاق أو جعل ذكرهم بمنزلة الاستثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>