للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرتسم فى النفس مثال مطابق له وحصول العلم بالشئ فى النفس وجوده فيها وجودًا متأصلًا كالكرم والبخل والإيمان والكفر وهذا يوجب الاتصاف لا التصور والأول بالعكس فالكافر يتصور الإيمان ولا يتصف به ويتصف بالكفر ولا يتصوره.

قوله: (وذلك أنه لا يلزم) آثر فى تقرير هذا الجواب بعض التطويل ليبين فائدة قوله أو تقدم تصوره بصيغة المصدر عطفًا على تصوره فأثبت التغاير بين حصول العلم وتصوره بمعنى جواز الانفكاك مطلقًا أى من الجانبين؛ لأن هذا غاية التغاير إذ قد يفسر بأن المفهوم من هذا ليس هو المفهوم من الآخر وقد يفسر بجواز الانفكاك فقيل يكفى من جانب وقيل بل من الجانبين ومبناه على أن تصور الشئ بدون حصوله نفسه ظاهر فالحاصل أن تصور العلم بعدما أنه ليس نفس حصول العلم ليس لازمًا له لاحقًا ولا شرطًا له سابقًا فلا يلزم من بداهته بداهته، والعجب أنه جعل تقدم التصور على حصوله فى بحث الخبر دليل الانفكاك والتغاير حيث قال: لا يلزم من حصول أمر تصوره إذ قد يحصل ولا يتصور وقد يتقدم تصور حصوله فيتصور وهو غير حاصل؛ وذلك لأنه قال فى المتن يجوز أن يحصل ضرورة ولا يتصوره أو يتقدم تصوره بصيغة المضارع وفى بعض النسخ أو تقدم تصوره بصيغة الماضى وههنا أيضًا كذلك فى كثير من النسخ عطفًا على: لا يلزم أى يقدم تصوّره على حصوله فينفك عنه فيغايره، والحاصل أن تقدم التصور قد يوجد مع الانقضاء فيكون دليل الانفكاك وقد يوجد مع البقاء فيكون دليل عدم الانفكاك قيل: وإنما عدل ههنا عن صيغة الماضى لأنه لو تقدم تصور العلم على حصوله يلزم بداهة تصور العلم لأن حصول العلم لكل أحد بوجوده ضرورى بمعنى أنه لا يتوقف على كسب أصلًا؛ إذ لا يخلو عنه البله والصبيان والسابق على البديهى أولى أن يكون بديهيًا والجواب أن المراد جواز التقدم فى الجملة لا لزومه على أن مثله فى الخبر آت أيضًا.

قوله: (وسيجئ فى الخبر) يجوز أن يكون إشارة إلى احتمال أن يكون تقدم تصوره بلفظ الماضى وأن يكون إشارة إلى ما ورد من أن البداهة تنافى الاستدلال وأجاب بأن العلم البديهى بالشئ مغاير للعلم بأن ذلك العلم بديهى ولا يلزم من بداهة الأول بداهة الثانى. واعلم أن لهذا الدليل تقريرًا آخر وهو أنه لو كان مطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>