للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلم كسبيًا لكان كل علم كسبيًا ضرورة أن كسبية الجزء تستلزم كسبية الكل، واللازم باطل ضرورة كثرة التصورات والتصديقات البديهية وتقرير الجواب أن كسبية مطلق العلم لا تستلزم إلا كسبية تصور كل علم وهو لا ينافى حصول بعض العلوم من التصورات والتصديقات بلا كسب كما أن حصول الشئ ليس نفس تصوره ولا مشروطًا بتصوره.

قوله: (وإنما يعرف) أى: العلم على صيغة المجهول من المعرفة وكذلك قوله: وإلا فلا يعرف وأما قوله: فيعرف بهما، فمن التعريف والمذكور فى المستصفى أنه ربما يعسر تحديده على الوجه الحقيقى بعبارة محررة جامعة للجنس والفصل الذاتيين فإن ذلك عسير فى أكثر الأشياء بل فى أكثر المدركات الحسية كرائحة المسك وطعم العسل، وإذا عجزنا عن حد المدركات فنحن عن تحديد الإدراكات أعجز ولكنا نقدر على شرح معنى العلم بتقسيم ومثال، فقد صرح بأن المتعسر هو الحد الحقيقى لا الرسمى وأنه ليس مختصًا به لصعوبة الامتياز بين الذاتيات والعرضيات وعلى هذا فاستبعاد الآمدى فى غاية السقوط لأن ثبوت الحد الرسمى وسهولته لا ينافى عسر الحد الحقيقى ذكر فى الأحكام أنهما قالا: لا سبيل إلى تحديده، وطريق تعريفه إنما هو القسمة والمثال وهو غير سديد فإن القسمة إن لم تكن مفيدة لتميزه عما سواه فليست بمعرفة له وإن كانت مميزة له عما سواه فلا معنى للتحديد بالرسم سوى هذا وحاصله أنهما نفيا عنه التحديد وأثبتا له التعريف بوجه مخصوص، فاعترض بأن ذلك الوجه إن لم يفد تميزًا لم يكن تعريفًا، وإن أفاده صار رسميًا والشارح بنى الكلام على أنهما نفيا عنه التعريف مطلقًا وأثبتا له طريق معرفته ووجه اعتراضه بأن الطريق المذكور إن أفاد تميزًا كان تعريفًا وإلا لم يكن طريقًا إلى معرفته وأجاب عنه بأن إفادته للتميز لا تستلزم كونه صالحًا للتعريف، فإن الشئ قد يعلم بتقسيم يخرجه بأن يؤخذ مقسم شامل له ذاتيًا أو عرضيًا ويميز بعضه عن بعض بأمور متمايزة ويكون أحد أقسامه ذلك الشئ فيعرف باعتبار الشامل والمميز ويجعل له اسم وقد يتميز أيضا عن غيره فى مثال جزئى، ولا يعرف لذلك الشئ على تقديرى إخراجه بالقسمة وامتيازه بالمثال لازم بين الثبوت له فى جميع أفراده وبين الانتفاء عما عداها (ولا يصلح للتعريف لازم إلا إذا كان كذلك) فقد جاز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>