ويتوسل به إلى السعادة الأخروية ثم نبه بقوله: وخص من شاء بمزايا الأنعام والتوفيق لدين الإسلام على النعم المخصوصة: فالأول يناسب الإكرام والثانى الدعوة إلى دار السلام مأخوذًا من قوله تعالى: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[يونس: ٢٥]، وكأن فى القرائن الأربع رمزًا إلى المقصود لفظًا ومعنى وما قيل من أنه أشير بعموم الإكرام والدعوة إلى أن إضافة الجمع وحذف المفعول فى الآيتين يفيدان تعميمًا وأن الكافر أيضًا مكلف بالفروع وأن العبد داخل فى الخطاب كالأحرار والنساء كالرجال وأريد بقوله: مزايا الأنعام ما خص المجتهدين من الاقتدار على استنباط الأحكام براعة للاستهلال فلا يخلو عن شائبة تكلف، وأما الدين فهو وضع إلهى سائق لأولى الألباب باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات ويتناول الأصول والفروع وقد يخص الفروع والإسلام هو هذا الدين المنسوب إلى محمد عليه السلام المشتمل على العقائد الصحيحة والأعمال الصالحة فالإضافة بيانية ولما كانت هذه النعم مستمرة سنية أورد الحمد بجملة اسمية.
قوله:(والصلاة) كما أن للَّه عز شأنه علينا نعمًا لا يتصور إحصاؤها كذلك لنبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- بهدايته لنا إلى سواء الصراط منن لا يمكن استقضاؤها فمن ثمة قرن تبجيله بالصلاة والسلام بتحميد اللَّه سبحانه وتعالى امتثالًا لأمره وقضاء لبعض حقه وأورد من صفاته ما يدل على حيازته قصبات السبق فى مضمار المآثر وتبرزه على الكل فى اقتناء المناقب والمفاخر، فقوله: على سيد الأواخر والأوائل، أى فى الفضل والكمال وصف له بحسبه، وقوله: المبعوث من أشرف الأرومات وأكرم القبائل يعنى هاشمًا وقريشًا نعت له بنسبه، وقوله: بأبهر العجزات وأظهر الدلائل، إشارة إلى وثاقة الحجج الدالة على نبوته واتضاحها ولما كانت الأمور الخارقة المقرونة بالتحدى معجزة لعجز الناس عن إتيان مثلها ودليلًا مرشدًا إلى النبوة من حيث الإعجاز كان كل ما هو أبهر فى الإعجاز أظهر فى الدلالة فلذلك أتبعه به، وقوله: الموضح للسبل، تنبيه على ما يتفرع على النبوة وهو غايتها أعنى: إيضاح السبل الموصلة إلى السعادة الأبدية.
قوله:(الخاتم للأنبياء والرسل) من صفات كماله عليه الصلاة والسلام حيث دل على أن الشريعة قد تمت بإرساله واستقرت فى نصابها فلا يحتاج إلى مؤسس آخر بل إلى من يحفظها وفى مجئ الصفات هكذا مسرودة بلا عاطف ههنا إيذان