باستقلال كل فى كونها صفة كمال على حيالها وقد زادها فخامة إبهام موصوفها، وأما تنسيق النعم السابقة فلأن معنى الجمع هناك أوقع وحيث كان آله وأصحابه رضوان اللَّه تعالى عليهم أجمعين مشاركين له فى هدايتنا بإبلاغ شريعته وحفظها أردفهم إياه، وقد أفيد أنه ضمن فى التحميد الإشارة إلى شرع الأحكام والأقدار على استنباطها لأنهما نعمتان منه تعالى وفى الصلاة إلى أدلتها مطلقًا فإن الكتاب أبهر المعجزات لبقائه على مر الدهور وأظهر دلائل الأحكام حيث لم يختلف فيه لغاية الظهور وإيضاح السبل يتناول السنة بأقسامها، وفيه إشارة إلى أن مدارك الأحكام مستندة إلى السماع، وذكر الآل والأصحاب إشارة إلى الإجماع ويندرج فيه بعض ما وقع فيه النزاع وأما القياس فحيث كان فرعًا للثلاثة ومظهر للحكم لم يفرد له ذكرًا.
قوله:(وبعد. . . إلخ) قد أشار فى هذا الكلام إلى فائدة أصول الفقه التى هى استنباط الأحكام وما يترتب عليها من الصلاح فى الدنيا والنجاة فى الآخرة؛ فظهر بذلك تعريفه وشرفه الباعث على الاعتناء بشأنه ثم ذكر من نعوت المختصر ما يستدعى زيادة الاهتمام لشأنه وأنه قد أحاط بما فيه خبرًا وأن أصحابه باقتراحهم لم يتركوا له عذرًا فتسبب الكل لتصنيف الكتاب بعد مساعدة التوفيق من العزيز الوهاب.
قوله:(كونها متكثرة) وذلك لأن الأحكام متعلقة بالحوادث الفعلية التى لا تكاد تنحصر فى عدد.
قوله:(ناطها) أى علقها (بدلائل) أى: حجج قطعية من الكتاب والسنة المتواترة والإجماع (وربطها بأمارات) مفيدة للمراتب العالية من الظنون (ومخايل) مفضية إلى الظنون الضعيفة كأنها خيالات، وفيه أن الظن يختلف قوة وضعفًا دون اليقين، وأنه مطلقًا كافٍ فى الأحكام العملية ولا يذهب عليك لطف استعمال النوط مع الدليل، والربط مع الأمارة.
قوله:(من مأخذها) أى الظنى (ومناطها) أى القطعى رعاية لما سبق وههنا بحث ينشأ من تفسير الأدلة فى تعريف الفقه بالأمارات وإنما وصف القواعد بالكلية؛ لأن مسائل أصول الفقه قواعد يندرج تحتها كليات؛ هى المسائل الفقهية المنطوية على جزئيات وجعل المقدمات أى: المبادئ جامعة لشمولها أمورًا متعددة ولقد أعجب