بمخالفة الظن وكيف الجمع بين إيجاب الموافقة والمخالفة، ويبين ذلك ثلاثة أمثلة:
الأول: الحكم بالشاهد الواحد وإن أفاد الظن القوى لكونه صديقًا أو للقرائن.
الثانى: شهادة العبيد وإن كثروا وعلم أنهم دينون عدول فى الغاية من التقوى حتى يقوى الظن بشهادتهم.
الثالث: رضيعة فى عشر أجنبيات فإن كل واحدة على التعيين يظن كونها غير الرضيعة لتحققه على تسعة تقادير ولا يتحقق خلافه إلا على تقدير واحد ومع ذلك فأمرنا بمخالفة الظن فحرم التزوج بها.
الجواب: لا نسلم أنه علم وروده بمخالفة الظن بل المعلوم خلافه، وهو وروده بمتابعة الظن كما فى خبر الواحد وفى ظاهر الكتاب وفى الشهادات المختلفة المراتب من شهادة أربعة ورجلين ورجل وامرأتين ورجل وغيرها كظاهر السنة واعتبار القيم وإخبار النساء فى الحيض والطهر فى غشيانهن، وما ذكرتموه إنما منع فيه عن اتباع الظن لمانع خاص وتحقيقه أن مراتب الظنون وحصولها بأسبابها بحسب الوقائع وما يمكن تحصيله من مراتبه فى القضايا وما لا يمكن واعتباره بحسبا إمكان الأقوى وعدمه أو غير ذلك مما يختلف اختلافًا عظيمًا وكان خفية غير منضبطة بنفسها فنيطت بمظان ظاهرة منضبطة فكان ما ذكره نقضًا لمجرد الحكمة الذى سميناه كسرًا وقد علمت أنه لا يضر.
قوله:(التعبد بالقياس هو أن يوجب الشارع العمل بموجبه) هذا مخالف لصريح كلام الآمدى والشارحين ومضمون أدلة الفرق فإنهم يطبقون على أن معناه إيجاب الشارع القياس وإلحاق الفرع بالأصل وذلك على المجتهد خاصة وبالمعنى الذى ذكره الشارح عليه وعلى سائر المكلفين، وكان هذا أقرب إلى مقاصد الفن مثل ما سبق من كون الإجماع حجة يجب العمل بمقتضاه وكذا خبر الواحد ونحو ذلك.
قوله:(ولا يؤمن فيه الخطأ) لأن النزاع فى القياس الظنى.
قوله:(إحالة له) أى لما لا يؤمن فيه من الغلط وكذا ضمير نفيه وعليه وضمير معناه لمنع العقل وضمير أنه للعقل والحاصل أن المدعى إيجاب النفى وما ذكر إنما يدل على ترجيحه فإن قيل إنه يستلزم المدعى لأن ما يترجح تركه عقلًا يمنع التعبد به شرعًا قلنا ممنوع وهو مسألة الحسن والقبح.