وعشر. وأما الجمع بين المختلفات، فمنه: التسوية بين قتل الصيد عمدًا أو خطأ فى الفداء فى الإحرام. ومنه: التسوية بين الزنا والردة فى القتل. ومنه تسوية القاتل خطأ والواطئ فى الصوم والمظاهر عن امرأته فى إيجاب الكفارة عليهم. وأما أنه إذا ثبت ذلك استحال تعبده بالقياس فلأن معنى القياس وحقيقته ضد ذلك وهو الجمع بين المتماثلات والفرق بين المختلفات.
الجواب: بمنع الثانية فإن ذلك لا يمنع جواز التعبد بالقياس أما الفرق بين المتماثلات فإن المتماثلات إنما يجب اشتراكها فى الحكم إذا كان ما به الاشتراك يصلح علة للحكم يصلح جامعًا ولا يكون له معارض فى الأصل هو المقتضى للحكم دون هذا ولا معارض فى الفرع أقوى يقتضى خلاف ذلك الحكم وشئ من ذلك غير معلوم، فيما ذكرتم من الصور لجواز عدم صلاحية ما توهمتموه جامعًا لكونه جامعًا أو وجود المعارض له، إما فى الأصل أو فى الفرع، وأما الجمع بين المختلفات فلجواز اشتراك المختلفات فى معنًى جامع هو العلة للحكم فى الكل فإن المختلفات لا يمتنع اشتراكها فى صفات ثبوتية وأحكام، وأيضًا فيجوز اختصاص كلٍّ بعلة تقتضى حكم المخالف الآخر فإن العلل المختلفة لا يمتنع أن توجب فى المحال المختلفة حكمًا واحدًا.
قالوا: رابعًا: القياس يفضى إلى الاختلاف وكل ما يفضى إلى الاختلاف مردود أما الأولى فلاختلاف الأصول، والقرائح والأنظار وكما هو الواقع فى الواقع، وأما الثانية فلقوله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢]، فى معرض المدح بعدم الاختلاف الموجب للرد ودل على أن ما من عند اللَّه لا يوجد فيه اختلاف فما يوجد فيه اختلاف لا يكون من عند اللَّه، فحكم القياس للاختلاف الكثير فيه لا يكون من عند اللَّه وكل حكم لا يكون من عند اللَّه فهو مردود إجماعًا، وفى الآية أيضًا إشارة إلى المقدمة الأولى.
الجواب: أن الاختلاف المنفى فى الآية عما من عند اللَّه إنما هو التناقض والاضطراب فى النظم المخل بالبلاغة التى لأجلها وقع التحدى والإلزام بكونه من عند اللَّه لا الاختلاف فى الأحكام الشرعية فإنه واقع قطعًا ولا يمكن إنكاره.
قالوا: خامسًا: لو جاز الاجتهاد بالقياس فإما أن يكون كل مجتهد مصيبًا أو يكون المصيب واحدًا لا جائز أن يكون كل مجتهد مصيبًا لأن حكم أحدهما نقيض