للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الآخر فيلزم أن يكون الشئ ونقيضه حقًا معًا وأنه محال، ولا جائز أن يكون المصيب واحدًا لأن تصويب أحد الظنين مع استوائهما تحكم محض وأنه غير جائز شرعًا.

الجواب: أولًا: النقض بسائر الظواهر إذ الاجتهاد لا يختص بالقياس، وثانيًا: بأنا نختار أن كل مجتهد مصيب قولك فيكون الشئ ونقيضه حقًا معًا قلنا ممنوع فإن النقيضين شرطهما الاتحاد فى الأمور التى عدت فى موضعها ولم يوجد ههنا لأن كل مجتهد حكمه ثابت بالنسبة إليه وإلى مقلديه دون غيرهم، وثالثًا بأنا نختار أن المصيب واحد قولك إنه تحكم قلنا ممنوع وإنما يلزم لو صوبنا ظنًا معينًا وخطأنا ظنًا معينًا، وأما إذا قلنا أحد الظنين لا بعينه ولا ندرى أيهما هو كان جائزًا ولا تحكم فيه.

قالوا: سادسًا: حكم اللَّه فى الواقعة المعينة بالوجوب أو بالحرمة من الممكنات فلا يعلم بدليل العقل بل بدليل السمع ولا طريق إليه إلا بإخباره للمبلغ وذلك بغير التوقيف على خبره منه محال لأنه تكليف الغافل وإذا حصل التوقيف فلا معنى للقياس.

الجواب: إنما يكون ذلك إذا لم يكن القياس نوعًا من التوقيف بأن شرعه اللَّه ونصبه للحكم وتعبد المكلفين باتباعه وهو أول المسألة.

قالوا: سابعًا: القياس يفضى إلى التناقض الباطل فيكون باطلًا، بيانه: أنه لا بعد فى أن تتعارض علتان تقتضى كل نقيض حكم الآخر، وحينئذٍ يجب اعتبارهما وإثبات حكمهما لأنه المفروض فيلزم التناقض.

الجواب: هذا الفرض إما فى قائس واحد أو فى المتعدد، فإن كان القائس واحدًا رجح بطريق من طرق الترجيح، وسيأتى فإن لم يقدر فإما أن يتوقف فلا يعمل بهما كأن لا دليل لأن شرط ثبوت حكمه عدم المعارض المقاوم وبه قال كثير من الفقهاء، وإما أن يخير فيعمل بأيهما شاء، وهو قول الشافعى وأحمد، وإن تعدد فعدم التناقض واضح مما مراد يعمل كل بقياسه فلا يتحد متعلقاهما.

هذه دلائل المانع للقياس.

وأما الموجب عقلًا: فقال: الأحكام لا نهاية لها والنص لا يفي بها فيقضى العقل بوجوب التعبد بالقياس لئلا تخلو الوقائع عن الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>