قال:(مسألة: القائلون بالجواز قائلون بالوقوع إلا داود وابنه والقاشانى والنهروانى، والأكثر بدليل السمع والأكثر قطعى خلافًا لأبى الحسين، لنا ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة العمل به عند عدم النص وإن كانت التفاصيل آحادًا أو العادة تقضى تارة بأن مثل ذلك لا يكون إلا بقاطع وأيضًا تكرر وشاع ولم ينكر والعادة تقضى بأن المسكوت فى مثله، وفإن فمن ذلك رجوعهم إلى أبى بكر فى قتال بنى حنيفة على الزكاة ومن ذلك قول بعض الأنصار فى أم الأب تركت التى لو كانت هى الميتة ورث الجميع فشرك بينهما وتوريث عمر المبتوتة بالرأى، وقول على لعمر لما شك فى قتل الجماعة بالواحد أرأيت لو اشترك نفر فى سرقة، ومن ذلك إلحاق بعضهم الجد بالأخ وبعضهم بالأب وذلك كثير فإن قيل أخبار آحاد فى قطعى سلمنا لكن يجوز أن يكون عملهم بغير ما سلمنا لكنهم بعض الصحابة سلمنا أن ذلك من غير نكير دليل ولا نسلم نفى الإنكار سلمنا لكنه لا يدل على الموافقة سلمنا لكنها أقيسة مخصوصة، والجواب عن الأول أنها متواترة فى المعنى كشجاعة على رضى اللَّه عنه، وعن الثانى القطع من سياقها بأن العمل بها وعن الثالث شياعه وتكريره قاطع عادة بالموافقة وعن الرابع أن العادة تقضى بنقل مثله، وعن الخامس ما سبق فى الثالث، وعن السادس القطع بأن العمل لظهورها لا لخصوصها كالظواهر).
أقول: القائلون بجواز التعبد بالقياس كلهم قائلون بوقوع التعبد به إلا داود الظاهرى، والقاشانى والنهروانى والقائلون بالوقوع اختلفوا فى ثبوته بدليل السمع أو بدليل العقل، فالأكثر على أنه بدليل السمع، ثم اختلف هؤلاء فى أن دليله من السمع قطعى أو ظنى فالأكثر على أنه قطعى خلافًا لأبى الحسين فإنه عنده ظنى، لنا أنه ثبت بالتواتر عن جمع كثير من الصحابة أنهم عملوا بالقياس عند عدم النص والعادة تقضى أن إجماع مثلهم فى مثله لا يكون إلا عن قاطع فيوجد قاطع على حجيته قطعًا، وما كان كذلك فهو حجة قطعًا فالقياس حجة قطعًا، فإن قيل لا نسلم التواتر فى عملهم لأن جميع ما يدكرونه أخبار آحاد قلنا القدر المشترك وهو أن الصحابة كانوا يعملون بالقياس قد تواتر وإن كانت التفاصيل آحاد وبذلك يتم مقصودنا، ولنا أيضًا أن عملهم بالقياس تكرر وشاع ولم ينكره عليهم أحد والعادة تقضى بأن المسكوت فى مثله من الأصول العامة الدائمة الأثر وفاق ووفاقهم حجة