للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاطعة ولنعد تفصيلًا لما أجملناه فى الدليلين عدة صور مما عمل الصحابة فيه بالقياس فمن ذلك رجوع الصحابة إلى أبى بكر رضى اللَّه عنه فى قتال بنى حنيفة على أخذ الزكاة ماذا يرى فيه بالاجتهاد وكانوا مختلفين فيه فمنهم من يرى المسالمة لقرب موت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وانكسار فى المسلمين حصل بسببه ومنهم من يرى القتال كعلى ترك الصلاة لئلا يحس منهم بالضعف والانكسار فيطمع فيهم وكان ممن يرى القتال أبو بكر فتبعوا اجتهاده قال الآمدى فقاسوا خليفة رسول اللَّه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى وجوب أخذ الزكاة لأرباب المصارف، ومن ذلك أن أبا بكر ورث أم الأم دون أم الأب فقال له بعض الأنصار تركت التى لو كانت هى الميتة ورث جميع ما تركت لأن ابن الابن عصبة، وابن البنت لا يرث، وحاصله أن هذه أقرب، فهى أحق بالإرث فرجع إلى التشريك بينهما فى السدس، ومن ذلك أن عمر ورث المبتوتة بالرأى، وهى المطلقة ثلاثًا فى مرض الموت، ومن ذلك أن عمر شك فى قتل الجماعة بالواحد فقال له على رضى اللَّه عنه أرأيت لو اشترك نفر فى سرقة أكنت تقطعهم؟ فقال: نعم. فقال: فكذا ههنا. فرجع إلى قول علىٍّ وحكم بالقتل.

ومن ذلك: ميراث الجدة فبعضهم يلحقه بالأخ، فيشركهما فى الإرث، وبعضهم يلحقه بالأب فيحجب الأخ به، وذلك كثير لا يحصى كثرة ولسنا ههنا لإحصائها بل للتفهيم والتعليم ويكفينا هذا القدر والأمر إلى المطولات وكتب السير، فإن قيل الدليل فاسد الوضع فإن هذه المسألة قطعية فلا بد فيها من دليل قطعى، وما ذكرتموه أخبار آحاد لو صحت فغايتها الظن، سلمنا صحة وضعها لكن لا نسلم دلالتها، فإنها لا تدل على العمل بالقياسات المذكورة، ولعل العمل فيما ذكرتم من الصور بغيرها وكان الاجتهاد فى دلالات النصوص لخفائها كحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص وإثبات المفهوم ودلالة الإيماء وتنقيح المناط، ونحوها مما يتعلق بالأدلة النصية، سلمنا دلالتها على عملهم لكن لا نسلم دلالة عملهم على وجوب العمل، لأن العاملين به بعض الصحابة فلا يكون فعلهم دليلًا سلمنا أن فعلهم دليل ولكن ذلك إذا لم يكن نكير ولا نسلم نفى الإنكار غايته عدم الوجدان ولا يدل على عدم الوجود سلمنا عدم الإنكار ظاهرًا لكنه لا يدل على الموافقة إذ لعلهم أنكروا باطنًا ولم يظهروا لما مر فى الإجماع السكوتى من

<<  <  ج: ص:  >  >>