للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: النص على العلة لا يكفى فى التعدى دون التعبد بالقياس، وقال أحمد والقاشانى وأبو بكر الرازى والكرخى يكفى، وقال البصرى: يكفى فى علة التحريم لا غيرها، لنا القطع بأن من قال: أعتقت غانمًا لحسن خلقه لا يقتضى عتق غيره من حسنى الخلق، قالوا: "حرمت الخمر" لإسكاره، مثل: "حرمت كل مسكر"، ورد بأنه لو كان مثله عتق من تقدَّم. قالوا: لم يعتق لأنه غير صريح والحق لآدمى، قلنا يعتق بالصريح وبالظاهر، قالوا: لو قال الأب لا تأكل هذا لأنه مسموم فهم عرفًا المنع من كل مسموم، قلنا لقرينة شفقة الأب بخلاف الأحكام فإنه قد يخص لأمر لا يدرك. قالوا: لو لم يكن للتعميم لعرى عن الفائدة، وأجيب بتعقل المعنى فيه ولا يكون التعميم إلا بدليل. قالوا: لو كان الإسكار علة التحريم لعم فكذلك هذا. قلنا: حكم بالعلة على كل إسكار فالخمر والنبيذ سواء. البصرى: من ترك أكل شئ لأذاه، دل على تركه كل مؤذ بخلاف من تصدق على فقير. قلنا: إن سلم فلقرينة التأذي بخلاف الأحكام).

أقول: إذا نص الشارع على علة الحكم فهل يكفى ذلك فى تعدية الحكم بها دون ورود الشرع بالتعبد بالقياس أم لا تعدى حتى يرد به وقد اختلف فيه، والمختار أنه لا يكفى وعليه الجمهور، وقال أحمد، والنظام، والقاشانى وأبو بكر الرازى، والكرخى: إنه يكفى، وقال أبو عبد اللَّه البصرى: يكفى فى التحريم دون غيره كالوجوب والندب لنا لو قال أعتقت غانمًا لحسن خلقه، فلو كان تناوله لكل من هو حسن الخلق باللفظ لا بالقياس لكان بمثابة قوله أعتقت كل حسن الخلق فكان يقتضى عتق غيره من حسنى الخلق، وانتفاء ذلك مقطوع به، وقد يجاب عنه بمنع الملازمة فإن الخصم لا يقول بأن ذلك يثبت بالصيغة بل بأن ذلك من الشارع، تعبد بالقياس فى تلك الصورة وإن لم يعلم تعبده بالقياس كليًا فأين أحدهما من الآخر.

قالوا: أولًا: لا فرق فى قضية العقل بين أن يقول الشارع: "حرمت الخمر لإسكاره"، وقوله: "حرمت كل مسكر"، والثانى: يفيد عموم الحرمة لكل مسكر، فكذا الأول وهو المطلوب.

الجواب: منع عدم الفرق وإلا لزم عتق من تقدَّم وهو كل حسنى الخلق، إذا قال: أعتقت غانمًا لحسن خلقه كما مر وفيه ما مر أنه يقتضى إيجاب إعتاق غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>