للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفسه ولو صرح به فقال: وذلك يقتضى إن أعتق كل حسن الخلق لما أعتقوا وقد قالوا عليه لا نسلم لزوم العتق لأن الحق حق آدمى ولا يثبت إلا بصريح، وهذا غير صريح بخلاف حق اللَّه، فإنه يثبت بالتصريح والإيماء لاطلاعه على السرائر، قلنا ذلك فى غير العتق والعتق يحصل بالصريح، والظاهر إما لتشوق الشارع إليه وإما لأن فيه حقًا للَّه لأنه عبادة.

قالوا: ثانيًا: ذكر العلة يفيد التعميم عرفًا، وذلك أنه لو قال الأب لابنه لا تأكل هذا الطعام لأنه مسموم يفهم منه المنع من أكل كل مسموم.

الجواب: إن فهم التعميم لقرينة شفقة الأب وما علم منها أنها تقتضى عادة النهى عن كل مضر بخلاف أحكام اللَّه تعالى، فإنها قد تختص ببعض الحال دون بعض لأمر لا يدرك، وقد يقال نفرض الكلام فى طبيب يقول لا تأكل هذا لبرودته أو لحموضته، أو لأنه كثير الغذاء ثم الاحتمال لا يدفع العموم كما لو عم النص والتخصيص محتمل.

قالوا: ثالثًا: لو لم يكن ذكر العلة لتعميم الحكم فى محال ثبوتها لعرى عن الفائدة إذ لا فائدة فى ذكر العلة وتعريفها إلا اتباعها بإثبات الحكم أينما تثبت واللازم منتف لأن فعل الآحاد لا يخلو عن فائدة فكيف الشارع.

الجواب: منع الملازمة وإنما يلزم لو انحصرت الفائدة فى التعميم ولم لا يجوز أن يكون فائدته أن يتعقل المعنى المقصود من شرع الحكم فى ذلك المحل ولا يكون التعميم إلا بدليل يدل عليه.

قالوا: رابعًا: اتفقنا على أنه لو قال علة الحرمة الإسكار لكان عامًا فى كل مسكر، وقوله: "حرمت الخمر لإسكاره"، بمعناه لأن اللام للتعليل ولا فرق بين أن يذكر التعليل باسمه أو بحرف يدل عليه فيجب أن يكون عامًا.

الجواب: لا نسلم أن العبارتين معناهما واحد، فإن قولك: الإسكار علة الحرمة قد ذكرت فيه الإسكار معرفًا باللام، وهو للعموم، كما مر فمعناه كل إسكار علة، فيكون الخمر والنبيذ فيه سواء وقولك حرمت الخمر لإسكاره، قد عللت فيه حرمة الخمر بالإسكار المنسوب إليه فإن حرمة الخمر لا تعلل بكل إسكار، قال البصرى: الدليل على تعميم علة النهى دون غيره أن من ترك أكل شئ لأذاه دل على تركه

<<  <  ج: ص:  >  >>