للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ثانيًا: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادرءوا الحدود بالشبهات" واحتمال الخطأ فى القياس شبهة فيجب أن يدرأ به الحد وهو بأن لا يثبت به.

الجواب: النقض بخبر الواحد والشهادة، فإن احتمال الخلاف فيهما قائم لأنهما لا يفيدان القطع فكان يجب أن يدرأ بهما ولم يدرأ.

قوله: (فأقام مظنة الشئ مقامه) ظاهر هذا الكلام أنه قاس السكر على القذف فى ترتيب وجوب ثمانين جلدًا عليه بجامع كونه مظنة للافتراء وقاس نسبة السكر إلى القذف على نسبة اللمس والتقبيل إلى الزنا فى ترتيب حكم المنسوب إليه على المنسوب بجامع كون النسوب مظنة المنسوب إليه وكلام الشارحين أنه قاس شارب الخمر على القاذف بجامع الافتراء ولا خفاء فى أن الافتراء ليس بمتحقق فى الشارب وإنما هو مظنة له.

قوله: (فقام دليلًا) يعنى أن اتفاقهم على هذا الخمر بالقياس قام دليلًا فى المتنازع وهو جريان القياس فى الحدود بخصوصه كما أن قولنا الدليل غير مختص قام دليلًا عليه بعمومه أى من حيث إنه من أحكام الشرع، فقوله كما دل ينبغى أن يكون على لفظ المبنى للمفعول وإن على لفظ المبنى للفاعل فمعناه كما دل اتفاقهم على المتنازع فيه بعمومه حيث دل على حجية القياس من غير تفرقة ويحتمل أن يريد أن ما ذكرنا من مجموع الدليل قام فى المتنازع بخصوصه حيث تعرضنا للصورة الجزئية كما قام فيه بعمومه حيث ذكرنا أن الدليل غير مختص والغرض من هذا الكلام بيان الفائدة فى ذكر قوله وقد حد فى الخمر بالقياس والإشارة إلى أنه لو اكتفى بالعموم لربما توهم تخصيصه بغير المتنازع.

قوله: (فيلزم الدور) لتوقفه على صحة القياس فى الحدود والكفارات وحاصل الجواب أن المتنازع صحة قياس بعض منها على البعض وهذا قياس للقياس فيها على القياس فى غيرها.

قوله: (والجواب النقض) أى لو صح ما ذكرتم أن كل ما يحتمل الخلاف شبهة وأن الشبهات فى الحديث على عمومها توجب درء الحدود أى عدم إثباتها بأخبار الآحاد وشهادة الشهود ولا فرق بين الحدود وبين الكفارات بل المراد بالحدود ما يتناولهما جميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>