قال:(السادس: منع وجود المدعى علة فى الأصل مثل حيوان يغسل من ولوغه سبعًا فلا يطهر بالدباغ كالخنزير فيمنع، وجوابه بإثباته بدليل من عقل أو حس أو شرع).
أقول: ومن الاعتراضات منع كون ما يدعى علة لحكم الأصل موجودًا فى الأصل فضلًا عن أن تكون هى العلة، مثاله: أن يقول فى الكلب: حيوان يغسل من ولوغه سبعًا فلا يقبل جلده الدباغ كالخنزير، فيقول المعترض: لا نسلم أن الخنزير يغسل من ولوغه سبعًا.
والجواب عن هذا الاعتراض بإثبات وجود الوصف فى الأصل بما هو طريق ثبوت مثله لأن الوصف قد يكون حسيًا فبالحس أو عقليًا فبالعقل أو شرعيًا فبالشرع، مثال يجمع الثلاثة إذا قال فى القتل بالمثقل: قتل عمد عدوان فلو قيل لا نسلم أنه قتل قال: بالحس، ولو قيل: لا نسلم أنه عمد قال: معلوم عقلًا بأمارته ولو قيل: لا نسلم أنه عدوان قال: لأن الشرع حرمه.
قال:(السابع: منع كونه علة وهو من أعظم الأسئلة لعمومه وتشعب مسالكه والمختار قبوله وإلا لأدى إلى اللعب فى التمسك بكل طرد، قالوا: القياس رد فرع إلى أصل بجامع وقد حصل قلنا بجامع يظن صحته، قالوا: عجز المعارض دليل صحته، فلا يسمع المنع، قلنا: يلزم أن يصحح كل صورة فدليل بعجز المعترض وجوابه بإثباته بأحد مسالكه فيرد على كل منها ما هو شرط فعلى ظاهر الكتاب الإجمال والتأويل والمعارضة والقول بالموجب وعلى السنة ذلك والطعن بأنه مرسل أو موقوف وفى رواية بضعفه أو قول شيخه: لم يروه عنى، وعلى تخريج المناط ما يأتى وما تقدَّم).
أقول: ومن الاعتراضات منع كون الوصف المدعى عليته علة وذكر المصنِّفُ أنه من أعظم الأسئلة الواردة على القياس لعمومه فى الأقيسة إذ العلة قلما تكون قطعية ولتشعب مسالك العلية فتتعدد طرق الانفصال عنها، وعلى كل واحد منها أبحاث ستقف عليها فيطول القال والقيل فيه ما لا يطول فى غيره ومن استقرأ ذلك عليه، مثاله: أن يقول فى المثال المتقدم لا نسلم أن كون جلد الخنزير لا يقبل الدباغ معلل بكونه يغسل من ولوغه سبعًا، وقد اختلف فى كون منع العلية مقبولًا والمختار أنه مقبول وإلا لأدى إلى التمسك بكل طرود يؤدى إلى اللعب فيضيع