قالوا: أولًا: القياس حده وحقيقته أنه إلحاق فرع بأصل بجامع وقد حصل وإذا ثبت مدعاه فلا يكلف إثبات ما لم يدع.
الجواب: لا نسلم أن حد القياس وحقيقته ذلك بل إلحاق فرع بأصل بجامع يظن صحته وهذا القيد معتبر فى حد القياس اتفاقًا ولم يوجد.
قالوا: ثانيًا: عجز المعارض عن إبطاله دليل صحته إذ طرق عدم العلية من كون الوصف طرديًا وإبداء وصف آخر وغير ذلك مما لا يخفى على المجتهد، والمناظر فلو وجد لوجده ولو وجده لأظهره فلما لم يظهر علم أنه لم يوجد فالفرار إلى مجرد المنع يكفينا دليلًا على أنه صحيح فلا يسمع المنع ولا يشتغل بجوابه لأنه شاهد على نفسه بالبطلان.
والجواب: أنه يقتضى أن كل صورة عجز المعترض عن إبطاله فهو صحيح حتى دليل الحدوث والإثبات بل حتى دليلى النقيضين إذا تعارضا وعجز كل عن إبطال دليل الآخر.
وقد يقال الفرق ظاهر مما مر كيف والسبر دليل ظاهر عام لا يعجز عنه قائس ولا بد معه من العدول إلى الإبطال بمعارضته وإبداء وصف آخر فليفعل أول مرة ويطرح مؤنة ذلك من البين قصرًا للمسافة وتخرجًا من اللجج ومحاولة للمجادلة بالتى هى أحسن ولا ظهر أن هذا المنع مسموع.
فالجواب: إثبات العلية بمسلك من مسالكها المذكورة من قبل فكل مسلك تمسك بها فيرد عليه ما هو شرطه أى ما يليق به من الأسئلة المخصوصة به وقد نبه ههنا على اعتراضات الأدلة الأخرى بتبعية اعتراضات القياس على سبيل الإيجاز ولا بأس أن نبسط فيه الكلام بعض البسط لأن البحث كما يقع فى القياس يقع فى سائر الأدلة ومعرفة هذه الأسئلة نافعة فى الموضعين فنقول الأسئلة بحسب ما يرد عليه من الإجماع والكتاب والسنة، وتخريج المناط أربعة أصناف:
الصنف الأول: على الإجماع، ولم يذكره لقلته مثاله ما قال الحنفية وفى وطء الثيب الإجماع على أنه لا يجوز الرد مجانًا، فإن عمر وزيدًا أوجبا نصف عشر القيمة وفى البكر عشرها وعلى منع الرد من غير نكير وهو ظنى فى دلالته وفى نقله ولولا أحدهما لما تصور فى محل الخلاف والاعتراض عليه من وجوه: