الشارح المحقق إذا علم كونه حجرًا دائمًا استحال كونه ذهبًا فى شئ من الأوقات إذ دوام الإيجاب لا ينافى إمكان السلب وفى بعض الشروح أن المراد أن النقيض ممكن فى نفسه لكنه ممتنع بالغير؛ لأن النفس قد اكتسبت بالعادة أن النقيض ممتنع فى الخارج وفى بعضها أن المراد بالتجويز العقلى الإمكان الخارجى وبالاحتمال الإمكان الذهنى ونفى الثانى لا ينافى ثبوت الأول، وأنت خبير بأنه يجب فى العلم عدم احتمال النقيض بوجه من الوجوه فالصواب ما أشار إليه الشارح من أن معنى عدم احتماله النقيض هو أن العقل لا يجوّز بوجه من الوجوه كون الواقع فى نفس الأمر نقيض ذلك الحكم، وإن كان من الأمور الممكنة كما إذا شاهد حركة زيد وبياض جسم فإنه لا يجوّز البتة فى ذلك الوقت كون زيد ساكنًا والجسم أسود بل يقطع بأن الواقع هو هذه النسبة لا غير، والعلوم العادية من هذا القبيل بخلاف ما إذا اعتقده اعتقادًا جازمًا لا بموجب فإنه لا يمتنع أن يظهر الأمر على خلاف معتقده.
قوله:(فقد ذكروا له حدودًا) ذكروها فى الكتب الكلامية وبينوا صحتها وفسادها وأصحها ما اختاره المصنف ههنا، وإنما كان أصح إما نظرًا إلى صحة تعريفه بالاعتقاد الجازم المطابق لموجب غير أنه لا يشمل التصور مع إطلاقه عليه إذ قد يقال: علمت معنى المثلث كما صرح بذلك فى المواقف فيكون هذا أصح منه لشموله كلا نوعيه، وإما نظرًا إلى صحة الحد المستفاد من التقسيم الذى سيأتى، لأن ذلك على القول بأنه إضافة وهذا على القول بأنه صفة ذات إضافة ولما ترجح الثانى كان الأول أصح، وأما قوله: ويسمى تصديقًا وعلمًا فليس من المقصود فى شئ.
قوله:(صفة) هى ما يقوم بغيره يتناول العلم وغيره وبقوله: توجب لمحلها تمييزًا أى: توجب لمحلها الذى هو النفس تمييزه لشئ يخرج الصفات التى توجب لمحلها التميز عن غيره فقط وهى ما سوى الإدراكات فإن القدرة مثلًا توجب امتياز محلها عن العاجز لا تمييزه لشئ بخلاف العلم فإنه يوجب تميز المحل وتمييزه معًا وبقوله: لا يحتمل النقيض أى لا يحتمل متعلق التمييز نقيضه بوجه من الوجوه يخرج الصفات الإدراكية التى توجب لمحلها تميزًا يحتمل متعلقه نقيضه كالظن وأخواته،