للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قابلة للصفات المتنافية فالجبل عبارة عن مجموع جواهر فردة مخصوصة موصوفة بالحجرية وذلك المجموع بعينه قابل للذهبية المستلزمة لنقيض الحجرية فالحكم بكونه حجرًا محتمل لنقيضه وإن كانت متخالفة الحقائق وما يتركب منه الجبل لا يجوز أن يتركب منه الذهب فليس هناك موضوع معين يصح أن يتوارد عليه هذان الوصفان المتنافيان فليس الحكم على الجبل بأحدهما محتملًا لنقيضه، نعم يمكن أن يعدم الجبل ويوجد الذهب مكانه فيختلف الموضوع فلا تنافى بين الحكمين فلا احتمال للنقيض اللهم إلا أن يؤخذ الموضوع ما هو قدر مشترك بينهما كالشاغل للمكان الفلانى مثلًا فلا يكون الحكم واردًا على خصوصية الجبل كما ذكره المصنف وحيث أراد الشارح توجيه كلامه تعرض لحديث التجانس فبطل ما توهم من أنه لا حاجة إلى ذلك فى بيان المقصود بل يكفيه مجرد الإمكان مع القادر المختار.

قوله: (وأجاب بالمنع) نقض الحد بخروج بعض أفراد المحدود مبنى على مقدمتين، الأولى أن ذلك من أفراده، والثانية أنه خارج منه ولما كانت المقدمة الأولى ههنا مسلمة والثانية مبرهنة باحتمال العلوم العادية نقائضها منع احتمالها للنقيض وأسنده بأن الشئ الواحد كالجبل مثلًا يمتنع أن يكون فى الوقت الواحد حجرًا وذهبًا لامتناع اجتماع الشئ مع ما هو أخص من نقيضه عقلًا فذلك معلوم ضرورة فإذا علم بالعادة كونه حجرًا فى وقت استحال أن يكون هو بعينه فى ذلك الوقت ذهبًا وإلا لأمكن اجتماع النقيضين وإذا علم بالعادة أيضًا كونه حجرًا دائمًا استحال أن يكون ذهبًا فى شئ من الأوقات وما ذكر من الاستحالة هو المراد بعدم الاحتمال فالعلم العادى بكونه حجرًا سواء كان مؤقتًا بوقت معين أو دائمًا لا يحتمل النقيض قطعًا ونفى احتمال النقيض فى نفس الأمر بالمعنى الذى ذكرناه ضرورى فى جميع العلوم عادية كانت أو غيرها نعم إن العلم العادى يحتمل نقيضه تجويزًا عقليًا بمعنى أنه لو فرض بدله نقيضه لم يلزم من النقيض محال لنفسه وذلك لا يوجب الاحتمال الذى نفيناه لاستلزامه محالًا نظرًا إلى ما هو واقع فى نفس الأمر أو لا يرى أن هذا التجويز جاز فى جميع الممكنات الواقعة ولا اختصاص له بالأمور العادية مع أن ما علم منها بالحس كحصول الجسم فى حيزه مثلًا لا يحتمل النقيض اتفاقًا فلا فرق بين أن يعلم كون الجبل حجرًا مشاهدة وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>