للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يعلم ذلك عادة فى التجويز العقلى ونفى الاحتمال بحسب نفس الأمر.

مقدمة: إذا وقع أحد طرفى الممكن فى وقت فإذا قيس طرفه الآخر إلى ذاته من حيث هو كان ممكنًا له فى ذلك الوقت قطعًا وإن قيس إلى ذاته من حيث هو متصف بذلك الطرف كان ممتنعًا لا بحسب الذات بل بحسب تقييده بما ينافيه فهو امتناع بالغير فإن قلت: الذات مأخوذًا مع أحدهما يمتنع له الآخر امتناعًا ذاتيًا نظرًا إلى المجموع وكيف لا واجتماع النقيضين محال لذاته ولا ينافى ذلك إمكانه للذات وحده قلت: الطرفان هناك مقيسان إلى الذات لا إلى المجموع المركب منه ومن أحدهما ولا امتناع هناك إلا بالغير واجتماع النقيضين وإن كان مستحيلًا لذاته لكن صدق أحدهما فى زمن صدق الآخر ممتنع لا لذاته بل لصدق الآخر ولولاه لم يستلزم اجتماع النقيضين وعلى هذا فالممكن المطابق للواقع يمكن نقيضه بالذات وهو معنى التجويز العقلى ويستحيل بالغير وهو معنى نفى الاحتمال فالإمكان الذاتى يقابل الامتناع الذاتى والاحتمال فى نفس الأمر يقابل الامتناع مطلقًا وهو المراد بالاستحالة فى قوله: استحال أن يكون ذهبًا فى شئ من الأوقات فإن صدق المطلقة الوقتية يستحيل لصدق الدائمة فبطل ما قيل من أن دوام الإيجاب لا ينافى إمكان السلب فلا يصح الحكم بالاستحالة هناك.

قوله: (والتحقيق) قد حقق أن التجويز العقلى لا ينافى عدم احتمال النقيض فى الواقع فأخذ يحقق أنه لا ينافيه مطلقًا وبيانه أن احتمال متعلق العلم لنقيض الحكم الثابت فيه بدله بل احتماله لكل واحد من النقيضين على البدل وهو معنى التجويز العقلى لا يستلزم أن لا يجزم بأن الواقع أحدهما بعينه جزمًا مطابقًا لأمر يوجب ذلك الجزم من حس وغيره من ضرورة أو عادة أو برهان فباعتبار حصول الجزم لا يكون له احتمال النقيض الآخر عند العالم فى الحال وبواسطة الموجب لا يحتمله عنده فى المآل ولأجل مطابقته لا يحتمل فى نفس الأمر فلا احتمال بوجه وأنت خبير بأن نفى الاحتمال عند العالم على الوجهين إنما هو لإمكان الاحتمال عنده كما فى الظن والتقليد وأما نفيه بحسب الواقع فمآله إلى المطابقة وعدم وقوع النقيض فيه إذ لا يتصور له احتمال فى الواقع أما على تقدير عدمه فلما حققناه وأما على تقدير وجوده فلأن هناك وقوعًا لا احتمال وقوع وسنشير إليه فيما بعد فالظاهر أنه قصد ذلك فى تحقيقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>