قوله:(كالظن وأخواته) وهى الجهل المركب والتقليد والوهم والشك هنا سؤال مشهور وهو أن الشك والوهم من قبيل التصور ولا نقيض له فلا يكون فيهما احتمال النقيض، والجواب أن المراد بالتصور فى قوله: والتصور ولا نقيض له إدراك ما عدا الوقوع واللاوقوع يدل على ذلك بالنظر إلى ظاهر اللفظ والعبارة قوله فيما بعد التصوّر علم بمفرداته والتصديق علم بوقوع النسبة ولا وقوعها، وأريد بالمفرد ما عدا حصولها ولا حصولها هذا كلامه ويفهم منه أن إدراك الوقوع واللا وقوع مجردًا عن الإذعان والقبول لا يكون تصوّرًا إذ ليس هذا الإدراك علمًا بمفرد بالمعنى المذكور ولو أريد دخوله فى التصوّر لوجب أن يقال التصديق علم بحصول النسبة ولا حصولها والتصور علم هو غير العلم بحصولها ولا حصولها لا العلم بما عدا الحصول واللاحصول؛ لأن ما ذكر فى تفسير التصديق من العلم بالحصول واللا حصول مقيد بكونه على طريق الإذعان والقبول إذ العلم بالحصول واللا حصول يجوز أن يكون تصوّرًا فإن التصوّر يتعلق بكل شئ، فإذا قيل التصوّر علم هو غير العلم المذكور دخل العلم بالحصول واللا حصول الواقع فى الشك فى التصوّر والإشكال فى الشك ليس إلا باعتبار إدراك الوقوع واللا وقوع فإذا خرج هذا الإدراك من التصوّر صح قوله لا نقيض لتصوّر وإن الشك يحتمل النقيض.
واعلم أن احتمال النقيض فى الشك لا على تفصيل الإثبات والنفى الذى يلاحظ فيه بأن يقال الشك باعتبار الإثبات يناقض الشك باعتبار النفى وقد وقع فيه كلام يناسب ذلك فى قوله فيما بعد؛ أجيب عن الأول بأن النسبة من حيث هى تصوّر لا نقيض لها من حيث هذه الحيثية؛ لكن يتعلق بها الإثبات أو النفى وكل واحد نقيض الآخر فهى من حيث يتعلق بها الإثبات تناقض من حيث يتعلق بها النفى، ولا نشك أن النسبة الإيجابية لا تخلو عن ملاحظة أحدهما إما معينًا أو غير معين فإن الشاك يلاحظ معها كل واحد منهما على سبيل التجويز هذا كلامه.
قوله:(كون المحل مميزًا) يدل على أن التمييز يراد به المعنى المصدرى وسيجئ أن التمييز هو الصورة الإدراكية فإنه قال فيما بعد فالتمييز ههنا هو تلك الصورة وقال أيضًا التمييز فى التصديق اليقينى هو الإثبات والنفى.