قال:(الخامس والعشرون: القول بالموجب وحقيقته تسليم الدليل مع بقاء النزاع وهو ثلاثة: الأول أن يستنتجه ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه مثل قتل بما يقتل غالبًا فلا ينافى وجوب القصاص كحرقه فيرد بأن عدم المنافاة ليس محل النزاع ولا يقتضيه، الثانى أن يستنتجه إبطال ما يتوهم أنه مأخذ الخصم مثل التفاوت فى الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص كالمتوسل إليه فيرد إذ لا يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود الشرائط والمقتضى والصحيح أنه مصدق فى مذهبه وأكثر القول بالموجب كذلك لخفاء المأخذ بخلاف محال الخلاف، الثالث: أن يسكت عن الصغرى غير مشهورة مثل ما يثبت قربة فشرطه النية كالصلاة ويسكت عن الوضوء قربة فيرد ولو ذكرها لم يرد إلا المنع وقولهم فيه انقطاع أحدهما بعيد فى الثالث لاختلاف المرادين وجواب الأول بأنه محل النزاع أو مستلزمه كما لو قال لا يجوز قتل المسلم بالذمى فيقال بالموجب لأنه يجب فيقول المعنى بلا يجوز تحريمه ويلزم نفى الوجوب وعن الثانى أنه المأخذ وعن الثالث بأن الحذف سائغ).
أقول: القول بالموجب لا يختص بالقياس بل يجئ فى كل دليل وحاصله تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع وذلك دعوى نصب الدليل فى غير محل النزاع ويقع على وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن يستنتج من الدليل ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازمه ولا يكون كذلك مثاله: أن يقول الشافعى فى القتل بالمثقل: قتل بما لا يقتل غالبًا، فلا ينافى القصاص كالقتل بالحرق فيرد القول بالموجب فيقول عدم المنافاة ليس محل النزاع لأن محل النزاع هو وجوب القتل ولا يقتضى أيضًا محل النزاع إذ لا يلزم من عدم منافاته للوجوب أن يجب.
الثانى: أن يستنتج من الدليل إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ الخصم ومبنى مذهبه فى المسألة وهو يمنع كونه مأخذًا لمذهبه فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه، مثاله أن يقول الشافعى فى المثال المتقدم وهو مسألة القتل بالمثقل: التفاوت فى الوسيلة لا يمنع القصاص كالمتوسل إليه وهو أنواع الجراحات القاتلة فيرد القول بالوجب فيقول الحنفى الحكم لا يثبت إلا بارتفاع جميع الموانع ووجود الشرائط بعد قيام المقتضى وهذا غايته عدم مانع خاص ولا يستلزم انتفاء الموانع ولا وجود الشرائط ولا وجود المقتضى فلا يلزم ثبوت الحكم وقد اختلف فى أن المعترض إذا قال ليس