هذا مأخذى هل يصدق أو لا فقيل لا يصدق إلا ببيان مأخذ آخر إذ ربما كان مأخذه ذلك لكنه يعاند والصحيح أنه يصدق لأنه أعرف بمذهبه ومذهب إمامه ولأنه ربما لا يعرف فيدعى احتمال أن لمقلده مأخذًا آخر، واعلم أن أكثر القول بالموجب من هذا القبيل وهو ما يقع لاشتباه المأخذ لخفاء مأخذ الأحكام وقلما يقع الأول وهو اشتباه محل الخلاف لشهرته ولتقدم التحريم غالئا.
الثالث: أن يسكت عن صغرى غير مشهورة ويستعمل قياس الضمير، مثاله فى الوضوء ما ثبت قربة فشرطه النية كالصلاة ويسكت عن الصغرى فلا يقول الوضوء ثبت قربة فيرد القول بالموجب فيقول المعترض مسلم ومن أين يلزم أن يكون الوضوء شرطه النية فهذا يرد إذا سكت عن الصغرى وأما إذا كانت الصغرى مذكورة فلا يرد إلا منع الصغرى بأن يقول لا نسلم أن الوضوء ثبت قربة ويكون حينئذ منعًا للصغرى لا قولًا بالموجب، قال الجدليون القول بالموجب فيه انقطاع أحد المتناظرين إذ لو بين المستدل أن الثبت مدعاه أو ملزومه أو المبطل وأخذ الخصم أو الصغرى حق انقطع المعترض إذ لم يبق بعده إلا تسليم المطلوب وإلا انقطع المستدل إذ قد ظهر عدم إفضاء دليله إلى مطلوبه. قال المصنِّفُ قولهم ذلك صحيح فى القسمين الأولين وهو فى القسم الثالث بعيد لاختلاف مرادى المتناظرين فمراد المستدل أن المتروك فى حكم المذكور لظهوره ومراد المعترض أن المذكور وحده لا يفيد فإذا بين مراده فله أن يمنع ويستمر البحث وإن سلم فقد انقطع إذا عرفت ذلك فالجواب عن القسم الأول إذ مرجعه إلى منع كون اللازم من الدليل محل النزاع أو مستلزمًا له بأن يبين أحدهما، مثاله أن يقول لا يجوز قتل المسلم بالذمى قياسًا على الحربى فيقول نعم ولكنه يجب فإن لا يجوز نفى الإباحة وهو ليس نفى الوجوب ولا يستلزمه لأنه أعم فيجيب بأن المعنى بعدم الجواز هو الحرمة وهو يستلزم عدم الوجوب وعن الثانى أنه المأخذ لاشتهاره بين النظار وبالنقل عن أئمة مذهبهم وعن الثالث أن الحذف عند العلم بالمحذوف سائغ والمحذوف مراد ومعلوم فلا يضر حذفه والدليل هو المجموع لا المذكور وحده.