قالوا: ثالثًا: انعقد الإجماع على أن شريعته ناسخة للشرائع وذلك ينافى تقريره لها وتعبده بها.
الجواب: لنا أنها ناسخة لما خالفها فإنها غير ناسخة لجميع الأحكام قطعًا وإلا وجب نسخ وجوب الإيمان وتحريم الكفر لثبوتهما فى تلك الشرائع. فهذه أنواع الاستدلال المقبولة وههنا وجوه أخر قيل بها والمصنف لا يرتضيها: مذهب الصحابى، والاستحسان، والمصالح الرسلة.
قوله:(لنا ما تقدَّم) يعنى قد ثبت بالدليل كونه عليه السلام قبل البعثة متعبدًا بشرائع من قبله والأصل البقاء حتى يوجد النافى إذ لا نزاع فى مثل هذا الاستصحاب فهذا يقوم حجة على القائلين بكونه متعبدًا قبل البعثة وعلى الواقفين وعلى النافين جميعًا.
قوله:(اتفقوا على الاستدلال) المشهور فى وجه الاستدلال أن النبى عليه السلام تمسك بما فى التوراة وعدل المصنِّفُ إلى الإجماع لكونه قطعيًا ومع ذلك إنما يقوم حجة على من ينكر كونه عليه السلام بعد البعثة متعبدًا بشرع من قبله مطلقًا سواء ثبت ذلك للنبى عليه السلام بطريق الوحى وذكره اللَّه تعالى فى القرآن أم لا وأما على المنكرين فيما إذا ثبت بالوحى ولم يذكر فى القرآن فلا فإن الحنفية على أن شرائع من قبلنا حجة إذا حكاها اللَّه تعالى فى القرآن إذ لا وثوق على باقى الكتب لوقوع التحريف.
قوله:(واللازمان) أى الذكر وعدم التصويب منتفيان لأن معاذًا لم يذكره والنبى عليه السلام صوبه.
قوله:(لأن الكتاب يشمله) على أن المراد بكتاب اللَّه جنس الكتب السماوية وإن كان الظاهر المتبادر إلى الفهم هو القرآن وأما الجواب بأن فى القرآن إشعارًا بوجوب اتباعِ الشرائع مثل: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠]، {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا}[الشورى: ١٣]، {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النساء: ١٢٥]، فضعيف لأن المراد به أصول الدين.
قوله:(لوجب علينا تعلم أحكام ذلك الشرع) لكونه فرض كفاية كمعرفة سائر الأحكام.